تاريخ السعودية: رحلة عبر الزمن
تتداخل أحداث التاريخ في المملكة العربية السعودية مع تاريخ شبه الجزيرة العربية، حيث تحتل المملكة الجزء الأكبر منها. تُعتبر المملكة قوة بارزة وحضارة عريقة ونظام حكم استثنائي، خاصة بعد الدولة النبوية والخلافة الراشدة، مما يجعلها تحولًا تاريخيًا هامًا في المنطقة العربية على مر العصور.
نشأة الدولة السعودية وتطورها
تعود بداية التاريخ الحديث للمملكة إلى تأسيس الدرعية في عام 850هـ/1446م على يد مانع بن ربيعة المريدي، جد الأسرة المالكة آل سعود. في عهد الإمام محمد بن سعود، تحولت الدرعية من مجرد دولة-مدينة إلى عاصمة لدولة واسعة، لتصبح الدولة السعودية الأولى في عام 1139هـ/1727م.
وبعد سقوط الدولة السعودية الأولى عام 1233هـ/1818م، قام الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بتأسيس الدولة السعودية الثانية عام 1240هـ/1824م. وعندما انتهت الدولة السعودية الثانية في عام 1309هـ/1891م، استعاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الدولة السعودية للمرة الثالثة، وذلك باسترجاعه العاصمة الرياض في 5 شوال 1319هـ/15 يناير 1902م.
توحيد المملكة العربية السعودية
استغرق توحيد المملكة في دورها الثالث أكثر من 30 عامًا، وشمل جميع مناطقها ومدنها، حيث بدأ هذا المشروع في عام 1319هـ/1902م. تحقق توحيد البلاد وتسميتها بالمملكة العربية السعودية بموجب أمر ملكي صدر في 17 جمادى الأولى 1351هـ/19 سبتمبر 1932م.
منذ نشأتها، أولت الدولة اهتمامًا كبيرًا بالتعليم ونشر المعرفة، وحافظت على استقلال قرارها السياسي. كما تسارعت وتيرة التنمية الاقتصادية بفضل اكتشاف النفط واستخراج المعادن.
أُطلق على مؤسس المملكة العربية السعودية عدة ألقاب، منها: الإمام، أمير نجد ورئيس عشائرها، سلطان نجد وملحقاتها، وملك الحجاز ونجد وملحقاتها، ثم أُطلق عليه لقب ملك المملكة العربية السعودية في عام 1351هـ/1932م.
تم اختيار يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ/23 سبتمبر 1932م يومًا لإعلان توحيد المملكة، وأصبح يوم 23 سبتمبر اليوم الوطني للبلاد. وفي 24 جمادى الآخرة 1443هـ/27 يناير 2022م، صدر أمر ملكي بتحديد يوم 22 فبراير من كل عام كيوم التأسيس، وذلك للاحتفاء بذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى في عام 1139هـ/1727م.
بناء الأنظمة الإدارية في السعودية
بدأ تشكيل النظم الإدارية في السعودية بإنشاء مجلس الوكلاء ومجلس الشورى وإدارة المقاطعات ورئاسة القضاء والمحاكم الشرعية، بالإضافة إلى عدد من الوزارات مثل الخارجية والمالية والدفاع والمواصلات والصحة والداخلية.
تطوير المؤسسات والخدمات
تأسست مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي السعودي حاليًا) لتولي شؤون العملة، وجرى تطوير الخدمات المقدمة للحجاج. صدر الأمر بتوسعة الحرمين الشريفين، وتأسست المديرية العامة للحج، وأُنشئت المحاجر الصحية والطرق ووسائل المواصلات المتعددة. وفي نهاية عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، أُنشئ مجلس الوزراء.
لتحقيق الاستقرار وتوفير الخدمات الاجتماعية، عملت الحكومة على توطين القبائل الرُحَّل، وتأسيس الهجر، وتوجيههم نحو أعمال الري والزراعة والتجارة، وتحويل القرى إلى حواضر تنافس المدن في التطور الاجتماعي. تميز تاريخ المملكة وتوحيدها بمشاركة المواطنين في الجيش تطوعًا، واعتمادهم على أنفسهم في التجهيز، إيمانًا منهم بتوحيد المنطقة تحت راية الدولة السعودية وآل سعود.
ازدهار المملكة العربية السعودية
في عهد الملك عبدالعزيز، اهتمت السعودية بتشجيع التعليم، ونشر المعرفة والمؤلفات، وتأسيس المدارس وإصدار الأنظمة الخاصة بها، إضافة إلى إنشاء المكتبات وخدمة الثقافة. استطاعت المملكة الحفاظ على استقلال قرارها السياسي، وتجنبت النزاعات الدولية والحروب العالمية.
السياسة الخارجية والتنمية الاقتصادية
أولت المملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا بالسياسة الخارجية، خاصة قضايا العرب والمسلمين، ودعمت استقلال العديد من الدول العربية والإسلامية. تسارعت وتيرة التنمية الاقتصادية بفضل اكتشاف النفط والمعادن، وتوسعت العلاقات التجارية مع دول العالم، وانتشرت حركة التجارة الداخلية، بالإضافة إلى استقطاب التقنيات العالمية والاستفادة منها.
حققت المملكة توازنًا بين الأصالة والمعاصرة، من خلال إرساء الأمن وردع المحاولات التي تستهدف استقرار الناس وممتلكاتهم، مما أدى إلى نشأة حواضر حديثة مع الحفاظ على العادات والتقاليد القديمة.
انضمت المملكة في بداية تكوينها إلى منظمات دولية، ووقعت اتفاقيات مهمة مثل ميثاق هيئة الأمم المتحدة عام 1364هـ/1945م، وشاركت في تأسيس منظمات دولية مثل جامعة الدول العربية عام 1364هـ/1945م.
وفاة مؤسس المملكة العربية السعودية
توفي الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في 2 ربيع الأول 1373هـ/9 نوفمبر 1953م، بعد أن أسس ووحد المملكة، ووضع الأنظمة اللازمة للحكم، واعتمد شعارها وعلمها.
حكام المملكة العربية السعودية
بعد وفاة الملك عبدالعزيز، تعاقب على حكم المملكة أبناؤه: الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود، ثم الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، والملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، والملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، والملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الذي تولى الحكم في عام 1436هـ/2015م.
وفي النهايه :
تُظهر رحلة المملكة العربية السعودية عبر التاريخ قصة تحول ملهمة، بدأت بتأسيس الدرعية وتوحيد البلاد، وصولًا إلى الازدهار والتطور في مختلف المجالات. كيف ستستمر المملكة في تحقيق التوازن بين الأصالة والمعاصرة في ظل التحديات العالمية المتزايدة؟