بئر هداج: كنز تيماء التاريخي
بئر هداج، المعروفة شعبيًا بـ “شيخ الجوية”، تُعتبر معلمًا تاريخيًا بارزًا في منطقة تبوك بالمملكة العربية السعودية. تقع هذه البئر الأثرية شمال محافظة تيماء، على بُعد حوالي 265 كيلومترًا من مدينة تبوك.
تاريخ عريق
تتميز بئر هداج بتاريخها العريق الذي يعود إلى منتصف القرن السادس قبل الميلاد، خلال فترة الاحتلال البابلي لتيماء، مما يجعلها من أقدم الآبار في الجزيرة العربية. شهدت البئر أحداثًا تاريخية مختلفة، بما في ذلك فترات اندثار وتضرر نتيجة زلزال وطوفان. ظلت البئر مطمورة حتى أُعيد حفرها قبل نحو أربعمئة عام.
أسماء متعددة
تُعرف بئر هداج بعدة أسماء، حيث تربط بعض المصادر اسم “هداج” بالمعبود “هدد” أو “أدد”، إله الماء لدى الساميين الذين سكنوا تيماء قديمًا. من بين الأسماء الأخرى للبئر: عين هداج، القليب، البئر، الماء، وراعي التسعين غرب، ومروي العطشا.
بئر هداج في الشعر
بفضل عطائها المستمر على مر العصور، أصبحت بئر هداج رمزًا للكرم ومصدر إلهام للشعراء. ذُكرت البئر في العديد من القصائد بأسمائها المختلفة. يُعد السمؤال، حاكم تيماء في القرن الخامس الميلادي، من أقدم من أشار إلى البئر، حيث ذكرها باسم “الماء” في أبياته التي يفتخر فيها بحصن تيماء وبئرها.
بنى لي عاديا حصنًا حصينًا وماءً كلما شئت استقيت
وفرة المياه
تتميز بئر هداج بضخامة فوهتها التي يبلغ محيطها 65 مترًا، وعمقها الذي يتراوح بين 11 و12 مترًا. البئر مبنية من الحجارة المصقولة وتحيط بها أشجار النخيل من جميع الجهات. كانت البئر تسقي حوالي 100 رأس من الإبل في وقت واحد خلال فصل الصيف، وتنقل المياه بواسطة 31 قناة حجرية.
استمرار العطاء
استمرت بئر هداج في عطائها عبر التاريخ، حيث ظلت تحظى بالعناية وتمد الأهالي والمزارع والبادية بالمياه حتى عام 1373 هـ/ 1954م. في ذلك العام، زار الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود مدينة تيماء وأمر بتركيب أربع مكائن حديثة، مما أدى إلى زيادة إنتاجية البئر وتوسع الرقعة الزراعية.
ترميم وتطوير
في عام 1433هـ/2012م، وضع الأمير فهد بن سلطان، أمير منطقة تبوك، حجر الأساس لمشروعات تطويرية في المنطقة المحيطة بالبئر، وذلك ضمن مشروع الملك سعود لترميم بئر هداج وإعادتها إلى حالتها الأصلية. تم تأهيل البئر لتصبح معلمًا سياحيًا وثقافيًا واقتصاديًا هامًا. عادت البئر إلى وضعها الطبيعي وأصبحت معلمًا أثريًا وتاريخيًا وسياحيًا بارزًا في المملكة، ولا تزال مياهها تنبع حتى الآن، مما يجعلها وجهة للزوار والسياح من داخل المملكة وخارجها.











