المسجد الحرام: مهوى أفئدة المسلمين
المسجد الحرام، الذي تتوسطه الكعبة المشرفة، هو قبلة المسلمين وأقدس بقعة على وجه الأرض. يتوجه إليه المسلمون من كل مكان لأداء الصلوات. سُمي بالمسجد الحرام لحرمة القتال فيه، ويقع في قلب مكة المكرمة. يخضع للإشراف المباشر من الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي. يعد المسجد الحرام أقدم وأكبر المساجد في العالم من حيث المساحة والطاقة الاستيعابية، إذ تبلغ مساحته نحو 1.5 مليون متر مربع، ويستوعب أكثر من ثلاثة ملايين مصلٍ، بالإضافة إلى 107 آلاف طائف في الساعة.
أهمية المسجد الحرام
تعتبر زيارة المسجد الحرام ركنًا من أركان الإسلام للقادرين، وذلك لارتباطه الوثيق بشعيرتي الحج والعمرة. تتضاعف فيه أجور الصلاة بمئة ألف مرة مقارنة بغيره من المساجد. كما يضم المسجد الحرام العديد من الآثار الدينية الهامة، مثل مقام إبراهيم، والحجر الأسود، وبئر زمزم.
موقع المسجد الحرام
يقع المسجد الحرام في قلب مكة المكرمة، في المنطقة المركزية المحيطة به. تشرف عليه الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ويتسع لحوالي ثلاثة ملايين مصلٍّ. لم يشهد التاريخ إغلاقًا كاملاً للمسجد الحرام في العصر السعودي إلا في حادثة اعتداء جهيمان الإرهابية عام 1400هـ/1979م، حيث استمر الإغلاق لمدة أسبوعين حفاظًا على أرواح المصلين، بالإضافة إلى الإغلاق الجزئي الذي فرضته جائحة كورونا عام 1441هـ/2020م، وذلك حفاظًا على صحة المصلين والزائرين.
مساحة المسجد الحرام
تبلغ مساحة المسجد الحرام حوالي 1.5 مليون متر مربع، وتصل طاقته الاستيعابية إلى أكثر من ثلاثة ملايين مصلٍ، ويستوعب حوالي 107 آلاف طائف في الساعة.
صحن الطواف بالمسجد الحرام في مكة المكرمة. (سعوديبيديا)
معمارية المسجد الحرام
يضم المسجد الحرام من الداخل صحن المطاف، وما يحيط به من معالم دينية مثل مقام إبراهيم، وبئر زمزم، والمنبر، والأساطين، والمقامات، وقد خضعت جميعها للعديد من الإصلاحات والتعديلات عبر التاريخ.
المطاف
المطاف هو الفناء المفروش بالرخام الأبيض الذي يحيط بالكعبة المعظمة، ويعرف الآن بالصحن. يطوف المسلمون فيه حول الكعبة، وسُمي بالمطاف نسبة إلى الطواف، وهو الدوران حول الكعبة المشرفة. حظي المطاف بعناية واهتمام كبيرين من الخلفاء والملوك والحكام على مر العصور، وكذلك عمارته والزيادة فيه. أول من قام بتبليط المطاف هو عبدالله بن الزبير -رضي الله عنه- بعد بنائه للكعبة سنة 64هـ/684م، ثم تبعه الوليد بن عبدالملك سنة 91هـ/709م، وتوالت أعمال الفرش والتغيير على مر التاريخ.
كان المسجد الحرام في بدايته عبارة عن فناء حول الكعبة مخصص للطائفين، ولم يكن هناك جدار يحيط به في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا في عهد أبي بكر -رضي الله عنه-. في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ومع ازدياد عدد المسلمين، تم توسيع المسجد وشراء وهدم المنازل المحيطة به وإدخالها ضمن المسجد، ثم تم بناء جدار قصير حوله. في عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، تم شراء المزيد من المنازل وتوسيع الحرم، وبناء الأروقة. بعد ذلك، وُضعت أعمدة وأساطين حول المطاف لتعليق المصابيح وتحديد حدود المسجد الحرام.
أما المطاف الجديد بعد توسعة عام 1388هـ/1968م، فهو على شكل دائرة كاملة الاستدارة، بقطر يبلغ 64.8 مترًا، ويحيط به ممران متجاوران على محيط المطاف بعرض 2.5 متر وارتفاع 20 سم. وفي توسعة عام 1399هـ/1979م، تم إلغاء الحصى والمشايات ونقل المنبر والمكبرية، وخُفضت فوهة بئر زمزم أسفل المطاف بالقرب من المحيط الخارجي للدائرة، لتصبح سعة المطاف إلى حدود الحرم القديم بقطر 95.2 مترًا، ومساحة 8500 متر مربع. وفي عام 1424هـ/2003م، تم تغطية مداخل قبو زمزم للاستفادة القصوى من صحن المطاف، مما زاد مساحته بمقدار 400 متر مربع.
الرواق السعودي محيطًا بساحة الطواف في المسجد الحرام. (واس)
المنبر
كان الخطباء في المسجد الحرام، بمن فيهم الخلفاء والولاة، يلقون خطب الجمعة قيامًا على الأرض أمام الكعبة وفي الحِجر. استمر ذلك حتى سنة 44هـ/664م، عندما قدم معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- إلى مكة حاجًا وأحضر معه منبرًا خشبيًا ذا ثلاث درجات، فكان أول من خطب على منبر في المسجد الحرام. كان المنبر يُجدد باستمرار، حتى أهدى عامل هارون الرشيد على مصر منبرًا من خشب ذي تسع درجات ونقش بديع، ثم أمر الواثق العباسي بصنع منبر للمسجد، وآخر لمنى، وثالث لعرفة. في عهد المنتصر بن المتوكل العباسي، صُنع له منبر عظيم خُطب عليه في مكة.
لاحقًا، أُهدي للمسجد الحرام عدة منابر، كان آخرها منبر السلطان سليمان الذي أهداه عام 966هـ، وهو مصنوع من الرخام الأبيض ويحتوي على 13 درجة وأربع أسطوانات وقبة مستطيلة من الخشب مطليّة بالفضة والذهب. يبلغ ارتفاع هذا المنبر حوالي 12 مترًا، ويتميز بأن الشمس لا تصل إلى موضع الخطيب فيه. كان المنبر يوضع لصق جدار الكعبة بين الركن الأسود والركن اليماني، ثم ينقل إلى جوار زمزم بعد الخطبة.
عندما أصبحت توسعة المطاف ضرورية، أُزيل المنبر ونُقل إلى داخل الرواق العثماني جهة أجياد، ثم يُنقل إلى جوار الكعبة عند خطبة الجمعة، ثم يعاد إلى مكانه بعد انتهاء الخطبة. استمر هذا المنبر حتى عام 1400هـ/1980م، عندما تحطم أثناء حادثة جهيمان. صُنع منبر خشبي جديد في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز، ثم تم تصميم منبر جديد يتحرك عن بعد بالريموت كنترول، يجمع بين الأصالة والتقنيات المتطورة، وتم استخدامه في أول جمعة من شهر رمضان عام 1423هـ/2002م.
المقامات الأربعة
كانت توجد في المسجد الحرام أربعة مقامات للأئمة الأربعة: أبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل ومالك، وكانت عبارة عن أماكن مظللة تحملها أعمدة، وبها محراب، يصلي فيها إمام المذهب. كانت المقامات الأربعة تقع خلف المطاف وخلف بئر زمزم، ويُرجح وجودها في الفترة من 328هـ/940م إلى سنة 488هـ/1095م.
تم هدم المقامات الأربعة سنة 1377هـ/1958م، خلال توسعة المطاف بأمر من الملك عبدالعزيز. بدأ الهدم بالمقام الحنبلي، ثم المالكي، ثم الحنفي
