الفروسية: إرث المملكة العربية السعودية في عهد الملك المؤسس
تعتبر الخيول العربية الأصيلة والفروسية جزءًا لا يتجزأ من التراث التاريخي والثقافي الغني للمملكة العربية السعودية. بعد توحيد البلاد، اكتسبت الفروسية بُعدًا وطنيًا عميقًا، حيث تجسدت رمزًا للشجاعة والفخر بالهوية الوطنية. كانت الخيول جزءًا أساسيًا من العتاد العسكري الذي استخدمه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في معارك توحيد المملكة. من بين أشهر خيوله في تلك الفترة كانت “منيفة”، و”الصويتيّة”، و”عبية”. أولى الملك المؤسس اهتمامًا ورعاية كبيرين للفروسية والخيول الأصيلة، وهو الاهتمام الذي ما زال مستمرًا حتى اليوم في المملكة.
اعتناء الملك عبدالعزيز بالخيول الأصيلة
أولى الملك عبدالعزيز اهتمامًا خاصًا بالخيول ورعايتها. يذكر حمد الجاسر في كتابه “أصول الخيل العربية” أنه في عهد الملك عبدالعزيز، اتجهت العناية نحو رعاية الخيل والاهتمام بشؤونها. قال يوسف ياسين: “لما رأى ذلك (يعني كثرة ما يقتل من عتاق الخيل في الحروب) وخاف على أنساب الخيل أن تضيع، جمع الخيول الأصايل، وجعل لكل منها مكانًا خاصًا وخدمًا مخصوصين وشدد في أوامره بالمحافظة عليها والعناية بها.”
تأسيس ديوان الخيل
أسس الملك عبدالعزيز ديوانًا متكاملًا للعناية بالخيل، وكانت خيوله من أجود الأنواع العربية الأصيلة. كان إسطبل خيوله يُعتبر من بين الأكبر في الجزيرة العربية.
سباقات الخيل
حرص الملك عبدالعزيز على تنظيم سباقات الخيل في الرياض والطائف، بمشاركة بعض الأمراء. كان يقام سباق للخيل بعد صلاة الجمعة في مقر الحكم بالرياض، وسباق آخر يشرف عليه الأمير فيصل بن عبدالعزيز في الطائف. ومن مظاهر اهتمامه بالخيول الأصيلة وحفظ سلالاتها، توفير بيئة مناسبة تمنع اختلاطها بغيرها.
إسطبلات الخيل
اختار الملك عبدالعزيز منطقة الخرج لإنشاء إسطبلاته، واشترط ألا يخالطها إلا الخيل الأصيلة للحفاظ على نقاء سلالتها. ووفر لها حمى قريبة من الرياض في قنيفذة وسامودة، نظرًا لملاءمة موقعها على طريق الحجاز، مما سهل عليه الإشراف عليها بنفسه، كما حرص على اختيار المدربين الأكفاء لتدريبها.
معرفة الملك عبدالعزيز بالخيول
كان الملك عبدالعزيز يتمتع بمعرفة واسعة بالخيول العربية وأصولها، وكان يشتري الخيول ذات السلالات الأصيلة من مختلف القبائل. اشتهرت عدة من خيوله خلال معارك التوحيد، مثل “منيفة” و”الصويتية” و”عبية”.
أصول خيول الملك عبدالعزيز
تنحدر خيول الملك عبدالعزيز من خمسة أرسان رئيسية، هي: الكحيلة، والحمدانية، والصقلاوية، والعبيّة، والصويتيّة. وقد قدم بعض خيوله كهدايا للأشخاص والدول، معتبرًا ذلك شكلًا من أشكال الاتصال الدبلوماسي ورمزًا للكرم وتعزيزًا للعلاقات الثنائية.
هدايا الخيول
من بين الهدايا التي قدمها: إهداء الملك جورج السادس الفرس “طرفة” بمناسبة تتويجه ملكًا على بريطانيا، وإهداء الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة عام 1355هـ/1936م الفرس “دهمة”، مما أسهم في انتشار سمعة الخيول النجدية وأصالتها، وتعزيز مكانة السعودية كمركز لتربية وتدريب الخيول الأصيلة.
نادي الفروسية بالرياض
تأسس نادي الفروسية بالرياض في عهد الملك عبدالعزيز، حيث كانت تقام سباقات الخيل في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة. كان ميدان السباق يبدأ من آخر طريق صلاح الدين الأيوبي إلى نقطة النهاية أمام ربوة مرتفعة كان يجلس عليها الملك عبدالعزيز لمشاهدة السباق (الموقع الحالي للمبنى الرياضي التابع لنادي الفروسية بحي الملز). كان هذا السباق يقام بين أبناء الملك، وعلى خيل عربية أصيلة يملكها هو وبعض الأمراء من أبنائه الذين أصبحوا يهتمون باقتناء الخيل والمشاركة بها في السباقات.
وفي النهاية:
تبرز الفروسية في عهد الملك عبدالعزيز كجزء حيوي من تاريخ المملكة، حيث لم تكن مجرد رياضة أو هواية، بل رمزًا للهوية الوطنية وأداة في توحيد البلاد وتعزيز العلاقات الدولية. فإلى أي مدى يمكن لهذه القيم أن تستمر في تشكيل مستقبل المملكة العربية السعودية؟
