الصحافة في عهد الملك عبد العزيز: نظرة تاريخية وتحليلية
في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، شهدت المملكة العربية السعودية تطورًا ملحوظًا في مجال الإعلام المقروء. انطلقت الصحافة من مناطق الحجاز غربي المملكة، ثم امتدت إلى نجد (الرياض) ثم إلى المنطقة الشرقية (الظهران). تميزت هذه الفترة بالتركيز على القضايا الدينية، الأدبية، الثقافية، والاجتماعية، ووضع الأسس الإدارية والقانونية لتنظيم الصحافة والمطبوعات.
الصحافة في الحجاز قبل عهد الملك عبد العزيز
قبل تأسيس الدولة السعودية الثالثة، عرفت مكة المكرمة والمدينة المنورة نشاطًا صحفيًا محدودًا. في مكة، ظهرت “صحيفة الحجاز” الأسبوعية عام 1908، تصدر باللغتين العربية والتركية. تبعتها صحف أخرى مثل “شمس الحقيقة” و”الإصلاح الحجازي” و”الصفا”، لكنها لم تستمر طويلًا.
وفي المدينة المنورة، ظهرت صحيفتا “الرقيب” و”المدينة المنورة” عام 1909، لكنهما لم تستمرا كذلك. في مكة، صدرت “القبلة” عام 1916 و”الفلاح”، واستمرتا لعدة أشهر. في عام 1924، ظهرت “بريد الحجاز”. شهدت هذه الفترة أيضًا ظهور أول مجلة متخصصة، وهي “مجلة جرول الزراعية” عام 1920، التي توقفت بعد ثلاثة أعداد.
الصحافة في مكة المكرمة في عهد الملك عبد العزيز
بعد توحيد غربي السعودية، صدرت صحف عدة، أبرزها جريدة “أم القرى” الأسبوعية الرسمية عام 1924، التي لم تقتصر على الأخبار الرسمية بل نشرت مقالات أدبية وثقافية. وفي عام 1932، صدرت “صوت الحجاز” المعنية بالقضايا الأدبية، بينما استمرت “أم القرى” في الصدور حتى اليوم، توقفت “صوت الحجاز”. إضافة إلى ذلك، ظهرت مجلتان لا تزالان تصدران حتى اليوم: “المنهل” الشهرية عام 1937، و”مجلة الحج” عام 1947، إضافة إلى مجلتي “الإصلاح” عام 1928، ومجلة “النداء الإسلامي” عام 1937. بعد الحرب العالمية الثانية، صدرت “البلاد السعودية”، أول صحيفة يومية سعودية، و”المدينة المنورة” عام 1937.
الصحافة في مدن أخرى في عهد الملك عبد العزيز
لم يقتصر ظهور الصحف في عهد الملك عبدالعزيز على مكة المكرمة، بل امتد إلى مدن أخرى. عادت “المدينة المنورة” للصدور في المدينة المنورة، وظهرت “مجلة الغرفة التجارية” في جدة. وفي الرياض، صدرت “مجلة اليمامة” عام 1953 على يد حمد الجاسر، ولا تزال تصدر حتى اليوم. وفي الظهران، صدرت “مجلة قافلة الزيت” عام 1954 عن شركة أرامكو، بالإضافة إلى صحيفة “الشمس” باللغة الإنجليزية.
إدارة المطبوعات والمخابرات في عهد الملك عبد العزيز
في عام 1926، أنشأ الملك عبدالعزيز “إدارة المطبوعات والمخابرات” لتنظيم وسائل الإعلام المتنامية، وتحديد مصادرها. أسندت الإدارة إلى يوسف ياسين، على أن يرجع الجهاز في المخابرات الخارجية إلى الملك عبدالعزيز، وفي المخابرات الداخلية إلى الأمير فيصل بن عبدالعزيز.
أنظمة المطبوعات في عهد الملك عبد العزيز
شهد عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، صدور نظامين للمطبوعات عامي 1928 و1939. حدد النظام الأول الجهة التي يرفع إليها طلب ترخيص إصدار الصحيفة، وهي النيابة العامة في مكة المكرمة، ثم يرفع النائب العام الطلب إلى الملك عبدالعزيز. أسهم النظامان في تأصيل الصحافة وإيجاد القواعد المنظمة للعمل الصحافي، بالإضافة إلى قرارات بإعفاء الصحف من رسوم التأمين والبريد، والمطابع من الرسوم الجمركية على الورق.
وفي النهايه :
تعكس هذه الحقبة الزمنية الجهود المبكرة لتنظيم الإعلام والصحافة في المملكة العربية السعودية، وتظهر كيف تطورت الصحافة من بدايات متواضعة في الحجاز إلى مؤسسات إعلامية أكثر تنظيمًا وانتشارًا في عهد الملك عبدالعزيز. هذه البدايات وضعت الأسس لما نشهده اليوم من تطور في مجال الإعلام السعودي، ولكن يبقى السؤال: كيف يمكن الاستفادة من هذه الدروس التاريخية لتطوير الإعلام المعاصر في المملكة؟
