جوهر العرضة السعودية: الشاعر والمعلم
في قلب العرضة السعودية، يبرز دور الشاعر والمعلم كأركان أساسية لهذا الفن العريق. ففي المملكة العربية السعودية، يتناوب صفوف العرضة على ترديد أهازيج العرضة الحربية، بيتًا بيتًا، معتمدين في ذلك على تلقين الشاعر أو المعلم. العرضة، في جوهرها، هي رقصة حربية تشعل الحماس في نفوس المقاتلين، وتعكس التلاحم الوثيق بين القائد وشعبه. يؤديها الفرسان أمام قائدهم، معبرين عن حبهم العميق لأرضهم، وولائهم المطلق لقيادتهم، وتجسد القصائد البطولية أمجاد القادة وإنجازاتهم، وتضحيات الآباء في سبيل الدفاع عن الوطن.
الأهمية البالغة لشاعر العرضة السعودية
لا يمكن للعرضة أن تُقام دون وجود الشاعر. حادثة غياب الشاعر فهد بن دحيم بسبب المرض، دفعت الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، إلى الأمر بإحضاره، مما يبرز مكانة الشاعر في هذا المشهد. وقد أنجبت العرضة السعودية شعراء أفذاذ، منهم: فهد بن دحيم، وعبدالله بن خميس، وسليمان بن حاذور، ومحمد عبدالله القاضي، وناصر بن زيد بن شنار، وسعد بن حريول السبيعي، ومحمد العوني.
لقد أبدع شعراء العرضة العديد من القصائد الخالدة، نتيجة ارتباط هذا الفن بأسرة آل سعود قبل تأسيس الدولة السعودية الأولى. لعبت ألقاب مثل نخوة العوجا دورًا هامًا في تحقيق الانتصارات، حيث كان الملك عبدالعزيز يبث الحماسة في جنوده لمواجهة المعتدين. لذلك، احتفظت كلمة العوجا بدلالاتها المرتبطة بالفروسية والشجاعة والإقدام، وظهرت في العديد من قصائد الحماسة، مثل: “حنا أهل العوجا”، و”حنا اللي نرد الضديد والطايلة يحظى بها من عز طاروقها”. النخوة تمثل النداء الذي يوقظ الحماس والفخر في نفوس المجتمع أو الدولة، بينما تشير العوجا إلى الدرعية، الممتدة على طول وادي حنيفة المتعرج.
القصيدة الشعرية: عمود العرضة السعودية الفقري
تعتبر القصيدة الشعرية الركن الأساسي للعرضة السعودية، فعلى أساسها تُبنى الرقصة. يتطلب أداء العرضة بنجاح، نظم مضامين شعرية بليغة تتناسب مع شعر الحماسة، مما ينعكس إيجابًا على حماس المؤدين ويرفع من روحهم المعنوية.
عادةً ما تتناول القصيدة أغراض الفخر والوصف، ولا تتجاوز العشرة أبيات من الشعر العامي، وتكون من البحر الطويل أو المتوسط أو القصير. قديمًا، كان الشاعر يلقي البيت الشعري لتقوم صفوف العرضة بترديده بعده وفق لحن معين. فالقصيدة هي العنصر المعنوي الذي يوحد العرضة، ويغلب عليها طابع الحماسة لارتباطها بالحروب وتشجيع المحاربين.
لقد تركت العرضة السعودية إرثًا غنيًا من الشعراء القدامى والمعاصرين، منهم: ناصر العريني، وعبدالله الصبي، ومحمد العوني، وفهد بن دحيّم، وعبدالرحمن البواردي. وقد جمع عبدالله بن خميس قصائدهم في كتابه “أهازيج الحرب أو شعر العرضة”.
وفي النهايه :
تتجلى أهمية العرضة السعودية في كونها ليست مجرد رقصة، بل هي تعبير عن الهوية الوطنية، والشجاعة، والتراث العريق. فهل ستظل العرضة تحافظ على هذا الإرث وتنقله للأجيال القادمة بنفس القوة والتأثير؟











