الرواق السعودي: تحفة معمارية في قلب الحرم المكي
الرواق السعودي هو الاسم الذي أُطلق على توسعة المطاف في المسجد الحرام بمكة المكرمة، تيمُّنًا بالمملكة العربية السعودية التي تولت بناءه وتطويره منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وصولًا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
تاريخ التوسعة في العهد السعودي
في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود، بدأت فكرة توسعة المطاف، حيث أمر بترميم شامل للمسجد الحرام والتخطيط لإنشاء الرواق السعودي. كان الهدف هو توفير مساحات أوسع للطائفين والمصلين نظرًا لتزايد أعداد الحجاج والمعتمرين. في عام 1375هـ/1955م، بدأ العمل الفعلي على الرواق السعودي في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز، وشهدت هذه الفترة وضع بئر زمزم في القبو.
مراحل التطوير في عهد الملوك
لاحقًا، في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز، أُزيل البناء الذي كان يحيط بمقام إبراهيم عام 1387هـ/1967م لتوسيع منطقة الطواف، ووضع المقام في غطاء زجاجي لحمايته. استمر بناء الرواق السعودي في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز، وشملت التوسعة إضافة أرضيات من الرخام المقاوم للحرارة، والتي جُلبت خصيصًا من اليونان. كما تم نقل المنبر والمكبرية عام 1398هـ/1978م كجزء من هذه التوسعة.
في عام 1409هـ/1988م، وضع الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حجر الأساس للتوسعة السعودية الثانية للمسجد الحرام. بلغت مساحة الأدوار في مبنى التوسعة 76 ألف متر مربع، موزعة بين الدور الأرضي، الدور الأول، القبو، والسطح، مما أتاح استيعاب نحو 152 ألف مصلٍ. في هذه المرحلة، اكتملت أيضًا أعمال توسعة مشروع بناء الرواق السعودي.
التوسعة الثالثة: نقلة نوعية
في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عام 1432هـ/2011م، بدأت التوسعة السعودية الثالثة، وهي الأكبر من نوعها على مر التاريخ من حيث المساحة والطاقة الاستيعابية. ضاعفت هذه التوسعة الطاقة الاستيعابية لصحن المطاف إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه. في عام 1436هـ/2015م، قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بتدشين هذه التوسعة، التي شملت خمسة مشروعات رئيسة: مبنى التوسعة الرئيس، الساحات، أنفاق المشاة، محطة الخدمات المركزية، والطريق الدائري الأول.
مكونات الرواق السعودي وتصميمه
في 1 ذو القعدة 1444هـ/21 مايو 2023م، صدرت الموافقة الرسمية على تسمية توسعة المطاف بالمسجد الحرام بـ”الرواق السعودي”. يقع الرواق خلف الرواق العباسي ويحيط به وبصحن الكعبة المشرفة، ليشكّل إضافة متكاملة. يتألف الرواق من أربعة أدوار: دور الصحن، الدور الأرضي، الدور الأول، والدور الثاني (الميزانين)، بالإضافة إلى السطح.
تحسينات معمارية وتوسعة المساحات
بفضل هذه التوسعة، زادت مساحة المسجد الحرام من 12 ألف متر مربع إلى مليون متر مربع، وبلغت مساحة الرواق السعودي 210 آلاف متر مربع، مما يتيح استيعاب 287,000 مصلٍ و107,000 طائف في الساعة. يتميز الرواق بـ 1500 عمود مكسو بالرخام، و12 قبة سماوية متحركة وست قباب سماوية ثابتة، إضافة إلى بوابات رئيسة مثل باب الملك عبدالعزيز، باب العمرة، وباب الفتح.
وفي النهايه :
يمثل الرواق السعودي تحفة معمارية تعكس اهتمام المملكة العربية السعودية بالحرمين الشريفين وتوفير أفضل الخدمات لضيوف الرحمن. هذه التوسعة ليست مجرد إضافة مساحية، بل هي تجسيد لرؤية مستقبلية تهدف إلى استيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج والمعتمرين، وتوفير بيئة مريحة وآمنة لهم لأداء مناسكهم بكل يسر وسهولة. هل سيشهد المستقبل المزيد من التطورات التي تخدم الحرمين الشريفين وقاصديهما؟








