الركن اليماني: بقعة مقدسة في قلب الكعبة المشرفة
في رحاب الكعبة المشرفة، تتجلى معالم روحانية تتوق إليها قلوب المسلمين، ومن بين هذه المعالم يبرز الركن اليماني كأحد أركان الكعبة الأربعة، ومحط أنظار الطائفين. هو أحد الركنين اللذين تُرفع عنهما الكسوة ليتمكن الزائرون من لمسه وتقبيله، سعيًا وراء الأجر والثواب.
الموقع والوصف
يقع الركن اليماني في الجزء الجنوبي الغربي من الكعبة، ويجاور الحجر الأسود من الجهة الجنوبية الشرقية. تحيط به حلية فضية مطرزة بأسلاك الذهب، أُضيفت عام 1438هـ (2016م)، بأبعاد تقريبية (115×92 سم) وسماكة 15 سم، مما يمنحه مظهرًا مميزًا وبراقًا.
فضائل الركن اليماني
استقامة على قواعد إبراهيم
يتميز الركن اليماني بأنه يستند إلى القواعد التي وضعها النبي إبراهيم عليه السلام عند بناء الكعبة. وقد ورد في فضل مسحه ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطًا”.
مكانة الركن اليماني في الطواف
سنة الاستلام والدعاء
يبدأ الطائف بالركن اليماني قبل الوصول إلى الحجر الأسود، وسُمي بهذا الاسم لأنه يقع في اتجاه اليمن. يُستحب للطائف أن يستلم الركن اليماني بيده في كل شوط من أشواط الطواف دون تقبيل، وإذا لم يتمكن من استلامه، فلا يشرع له الإشارة إليه. يحرص الطائفون على الدعاء بين الركن اليماني والحجر الأسود بالدعاء المأثور: “ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنا عذاب النار”.
أحاديث نبوية في عظمته
تؤكد العديد من الأحاديث النبوية على أهمية الركن اليماني، منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “يأتي الركن اليماني يوم القيامة أعظم من أبي قبيس، له لسانان وشفتان”، وكذلك ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم “لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوافه”.
حوادث تاريخية
ترميم الركن اليماني
تعرض الركن اليماني لبعض الحوادث عبر التاريخ، ففي سنة 407هـ (1016م) ذكر ابن الأثير في كتابه الكامل أن الركن اليماني تشعث، أي تفرقت أجزاؤه. وفي سنة 515هـ (1121م) ذكر أن الركن تضعضع نتيجة زلزلة وانهار جزء منه. وقد جرى ترميم الركن اليماني ضمن أعمال الترميم الشاملة للكعبة المشرفة في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود عام 1417هـ.
وفي النهايه :
يبقى الركن اليماني جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الكعبة المشرفة وروحانيتها، وشاهدًا على عظمة هذا المكان المقدس. فهل ستظل هذه البقعة المباركة ملهمة للأجيال القادمة، ورمزًا للوحدة والتآخي بين المسلمين؟











