التوسعة السعودية الثانية للمسجد الحرام: رؤية معمارية متجددة
في العهد السعودي، شهد المسجد الحرام توسعة معمارية هامة، وهي التوسعة السعودية الثانية، التي أمر بها الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود. انطلقت هذه التوسعة من الجهة الغربية للمسجد الحرام، حيث تم وضع حجر الأساس في عام 1409هـ (1988م). بدأت الأعمال في منطقة السوق الصغير، الممتدة بين باب الملك عبدالعزيز وباب العمرة، وشملت إنشاء دور أرضي، دور علوي، وقبو سفلي.
مكونات التوسعة السعودية الثانية
تشتمل التوسعة الثانية على عدة عناصر معمارية بارزة، منها باب الملك فهد، الذي يُعد من أكبر أبواب المسجد الحرام، بالإضافة إلى 18 مدخلًا. كما تضم مجمعين يضمان 56 سلمًا كهربائيًا، وتعلو المبنى مئذنتان بارتفاع 96 مترًا، وثلاث قباب مكسوة بالسيراميك الفاخر، و1,453 عمودًا مكسوًّا بالرخام، من بينها 1,120 عمودًا بقواعد وفتحات تكييف أرضية.
في عام 1411هـ (1990م)، أضافت التوسعة السعودية الثانية ساحات واسعة، كانت الأكبر في المسجد الحرام آنذاك. هذه الساحات، المجهزة للصلاة بالإنارة والفرش، استخدم فيها رخام بارد ومقاوم للحرارة، وبلغت مساحتها الإجمالية 88 ألف متر مربع.
تحديثات وإصلاحات التوسعة السعودية الثانية
لم تقتصر التوسعة السعودية الثانية للمسجد الحرام على زيادة المساحة والعمارة، بل شملت أيضًا تحديثات وإصلاحات هامة. من أبرز هذه التحديثات: توسعة منطقة الصفا والمروة، إنشاء جسر الراقوبة الذي يؤدي مباشرة إلى سطح المسجد الحرام، وتجديد غطاء مقام إبراهيم عليه السلام.
كما تضمنت أعمال التوسعة ترميمات للكعبة المشرفة، بدءًا بإصلاح الفواصل الخارجية وسد الفجوات، ومعالجة التقشرات الظاهرة على الحجارة. تم ذلك من خلال إزالة الأتربة والحجارة والعوالق بين الصخور، وتنظيفها وتجفيفها بالهواء المضغوط، لتهيئتها للترميم الكامل، وتغيير عدد من عناصر الأسقف والجدران والأرضيات.
بناء التوسعة السعودية الثانية
بدأ بناء التوسعة السعودية الثانية بالقبو، بعد إرساء أنظمة الحرائق والمياه وشبكات التهوية والإنارة والتكييف. بلغت مساحة القبو 18 ألف متر مربع، وارتفاعه 4.30 متر.
خلال عملية البناء، قُسمت مواقع التوسعة إلى 15 وحدة مستقلة ومتوافقة من الناحية المعمارية والإنشائية. تم تسقيف جميع الوحدات الأرضية باستثناء الفضاء الموازي للقباب الثلاث التي تميز قلب التوسعة. وصلت المساحة الإجمالية للدور الأرضي إلى 20 ألف متر مربع، بارتفاع 9.80 متر.
الدور العلوي في التوسعة السعودية الثانية
تم بناء الدور العلوي من التوسعة السعودية الثانية مطابقًا للدور الأرضي من حيث التصميم وأدوات البناء. وُضعت في سقفه ثلاث قباب متساوية ومتجاورة، ورُصفت أرضيات التوسعة وسطحها برخام عاكس لأشعة الشمس. رُبطت أروقة التوسعة الثانية بالأولى بواسطة مداخل واسعة تؤدي إلى صحن المطاف والجهات الجنوبية والشمالية من المسجد الحرام.
مساحة التوسعة السعودية الثانية
بلغت المساحة الإجمالية للتوسعة السعودية الثانية للمسجد الحرام 87 ألف متر مربع، شاملة جميع الطوابق والسطح. بذلك، ارتفعت المساحة الإجمالية لكامل المسجد إلى 366,168 متر مربع، بعد أن كانت لا تتجاوز 160,168 متر مربع، أي بأكثر من ضعف المساحة التي كان عليها المسجد الحرام بعد التوسعة السعودية الأولى. ووصلت الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام بعد انتهاء التوسعة السعودية الثانية إلى 820 ألف مصلٍ في جميع أروقة المسجد وسطحه وساحاته خلال الأوقات العادية، فيما ترتفع في فترات الذروة إلى أكثر من مليون مصلٍ.
مميزات التوسعة السعودية الثانية
تميزت التوسعة السعودية الثانية للمسجد الحرام بالزخارف والنقوش الإبداعية على القباب والأروقة والأسقف والجدران والأبواب والنوافذ والأقواس، إضافةً إلى القطع البلورية والمشربيات والقناديل والثريات وتيجان الأعمدة، باستخدام الذهب والكريستال والزجاج والجرانيت الملون والحجر الصناعي والسيراميك والجص والألمنيوم الأصفر وخشب الأرز المغربي وخشب الساج.
وفي النهايه :
تعكس التوسعة السعودية الثانية للمسجد الحرام التزام المملكة العربية السعودية بتوفير أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، وتوسيع نطاق المسجد الحرام لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المصلين. هذه التوسعة ليست مجرد إضافة معمارية، بل هي تعبير عن رؤية شاملة لتطوير الحرمين الشريفين، فهل ستشهد الأعوام القادمة المزيد من التوسعات التي تتماشى مع الزيادة المستمرة في أعداد الزائرين والمعتمرين؟
