بعد انتهاء الجولة السادسة من دوري روشن السعودي للمحترفين، قد يجد المتابع نفسه مندهشًا بوجود فريق التعاون في مركز الوصافة. الفريق حقق خمسة انتصارات وتلقى هزيمة واحدة، ليجمع 15 نقطة، متخلفًا بثلاث نقاط فقط عن النصر المتصدر الذي حقق العلامة الكاملة.
التعاون وليس الهلال أو الأهلي أو حتى الاتحاد حامل اللقب، هو من يحتل مركز الوصافة. الفريق استعاد توازنه سريعًا بعد البداية الصادمة والخسارة بخماسية أمام النصر.
بقيادة فنية برازيلية متمثلة في المدرب الخبير بالكرة السعودية، بركيليس شاموسكا، يسير سكري القصيم بخطى ثابتة نحو المنافسة على المراكز المتقدمة.
التوقعات قبل بداية الموسم
للوهلة الأولى، قبل انطلاق الموسم، كان المتوقع أن تحجز القوى التقليدية في دوري المحترفين، مثل الهلال والاتحاد والنصر والأهلي، المراكز الأربعة الأولى في جدول المسابقة. لكن، مع وجود أندية أخرى متألقة مثل القادسية والشباب، بالإضافة إلى نيوم الصاعد بقوة، كانت التوقعات مفتوحة.
إلا أن ما حدث جاء مخالفًا للتوقعات، حيث لم يكن أحد يتوقع أن يقدم التعاون، الذي أنهى الموسم الماضي في المركز الثامن، أداءً أفضل من ذلك.
تغيير الإدارة الفنية
قد يكون التغيير في الإدارة الفنية هو السر وراء هذا التحول، حيث ظهر الفريق الأصفر بثوب جديد، ثوب التحدي مع مدرب يعشق التحديات، وهو البرازيلي شاموسكا.
رد الاعتبار
قد يُفسر الأمر على أنه تحدٍ شخصي بالنسبة لشاموسكا، المدرب الذي قاد نيوم في رحلة ناجحة نحو دوري روشن. ورغم الإمكانيات التي كانت متاحة له، إلا أنه كان يطمح في الاستمرار مع الفريق ومنافسة الكبار.
إلا أن إدارة النادي فضلت التعاقد مع مدرب آخر، هو الفرنسي كريستوف جالتييه، ورغم أن النتائج لم تكن مثالية معه، ونيوم يحتل المركز الثامن برصيد 10 نقاط، أراد شاموسكا أن يثبت مع التعاون أنه لا يزال لديه الكثير ليقدمه، مستفيدًا من خبراته السابقة في قيادة أندية مثل الفيصلي والشباب وحتى الهلال.
يقترب شاموسكا من خوض مباراته رقم 200 في الدوري السعودي للمحترفين، حيث قاد فرقه في 181 مباراة، حقق خلالها 86 انتصارًا، وتعادل في 47، وخسر 48.
أرقام مذهلة
الأمر لا يقتصر فقط على تحقيق خمسة انتصارات وضعت التعاون في المركز الثاني، فبالإضافة إلى التعافي السريع من الخسارة الثقيلة أمام النصر، يمتلك الفريق ثالث أقوى خط هجوم في الدوري حتى الآن، مسجلًا 16 هدفًا، بفارق هدف واحد عن الهلال وخمسة أهداف عن النصر.
ويتفوق التعاون تهديفيًا على أندية كبرى مثل الاتحاد حامل اللقب، والأهلي والقادسية.
ويواصل التعاون المنافسة في كأس خادم الحرمين الشريفين، بعد إقصاء الفيصلي من دور الـ 32، كما حقق انتصارات كبيرة على فرق جيدة مثل الاتفاق والفيحاء والخليج وضمك والأخدود.
القيمة السوقية
بالنظر إلى القيمة السوقية للتعاون، نجد أنه لا يدخل ضمن قائمة الكبار، حيث يحتل المركز الثامن بقيمة تبلغ 35 مليون يورو فقط، أي أقل من نصف قيمة نيوم البالغة 78.9 مليون يورو، ويتصدر القائمة الهلال بقيمة 215.4 مليون يورو.
إلا أن هذه القيمة لا تعكس الفوارق الفنية، في ظل وجود فريق يلعب بروح جماعية عالية وبتكتيك مميز من المدرب، مما يخلق بيئة مناسبة للاستفادة من قدرات جميع اللاعبين.
نجوم متألقون
أحد أهم مميزات التعاون هو عدم اعتماده فقط على اللاعبين الأجانب لصنع الفارق، بل يمتلك الفريق مجموعة مميزة من اللاعبين المحليين، مثل محمد الكويكبي ووليد عبدالوهاب وسلطان مندش.
كما حافظ التعاون على عناصره المتألقة، خاصة في خط الهجوم، مثل الجامبي موسى بارو، الذي كان منافسًا مزعجًا للهدافين على مدار الموسمين الماضيين، ويقدم مستوى جيدًا هذا الموسم أيضًا، بالإضافة إلى الثنائي روجر مارتينيز ورومان فايفر.
الطموح الأكبر للتعاون في هذا الموسم هو الوصول إلى مركز مؤهل للمشاركة في بطولة قارية، كما حدث في موسم 2023-2024، عندما أنهى الدوري في المركز الرابع، متفوقًا على الاتحاد والشباب والاتفاق.
أو قد يصب الفريق تركيزه بشكل كبير على بطولة الكأس، خاصة أن الكبار، في ظل انشغالهم بمسابقتي دوري أبطال آسيا والدوري السعودي، قد لا يقاتلون بقوة على هذه البطولة المتاحة للجميع.
وفي النهاية:
بعد استعراض مسيرة التعاون المدهشة في دوري روشن السعودي للمحترفين، يتضح أن كرة القدم لا تعترف دائمًا بالتوقعات المسبقة والقيمة السوقية للأندية. فهل يستمر التعاون في تحقيق المفاجآت، ويحجز لنفسه مقعدًا في البطولات القارية، أم أن القوى التقليدية ستستعيد توازنها وتفرض سيطرتها على المراكز المتقدمة؟ يبقى هذا السؤال مفتوحًا، في انتظار ما ستسفر عنه الجولات القادمة من منافسات الدوري.










