الاستدامة البحرية: رؤية السعودية نحو اقتصاد أزرق مزدهر
في خطوة تعكس التزامها العميق بحماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة، أطلقت المملكة العربية السعودية الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر. هذه المبادرة الطموحة، التي أعلن عنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 4 ديسمبر 2024، تهدف إلى صون النظام البيئي الفريد للبحر الأحمر، وتطوير التعاون الإقليمي، وتمكين المجتمعات المحلية، وتسريع التحول نحو اقتصاد أزرق مستدام، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030 والأولويات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار.
أهمية الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر
تكمن أهمية هذه الاستراتيجية في قدرتها على تحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على الثروات الطبيعية وتعزيز النمو الاقتصادي. فهي تسهم في حماية التنوع البيولوجي الغني الذي يزخر به البحر الأحمر، وتعزيز الاستدامة البيئية، مما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني للمملكة.
دور المملكة الريادي في الاقتصاد الأزرق
تأتي هذه الاستراتيجية في سياق جهود المملكة المتواصلة لاستغلال إمكاناتها الاقتصادية والجغرافية والثقافية، وتعزيز دورها في مجالات الاستدامة والحفاظ على البيئة. تهدف المملكة إلى أن تصبح مرجعًا عالميًا في ممارسات الاقتصاد الأزرق، وأن تتبوأ مكانة رائدة في البحث والتطوير والابتكار في هذا المجال، مع التأكيد على التزامها الراسخ بمستقبل مستدام للبحر الأحمر، والتعاون مع مختلف الأطراف لحماية سواحله ومجتمعاته.
البحر الأحمر: كنز طبيعي ينتظر الاكتشاف
يمثل البحر الأحمر كنزًا طبيعيًا فريدًا، حيث يمتد على مساحة تقدر بنحو 186 ألف كيلومتر مربع، ويضم خطًا ساحليًا يبلغ طوله حوالي 1,800 كيلومتر. يحتضن البحر الأحمر رابع أكبر نظام للشعاب المرجانية في العالم، ويضم أكثر من 6.2 كيلومتر من الشعاب المرجانية، بالإضافة إلى مئات الجزر المتنوعة.
أهداف ومبادرات الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر
تتبنى الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر خمسة أهداف رئيسية، تشمل: الاستدامة البيئية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، والسلامة والأمن، والحوكمة والتعاون. تتضمن الاستراتيجية 48 مبادرة مبتكرة تهدف إلى تحقيق طموحات المملكة في مجال الاقتصاد الأزرق والأنشطة المرتبطة به.
مستهدفات طموحة لرؤية 2030
تهدف الاستراتيجية بحلول عام 2030 إلى تحقيق عدة مستهدفات طموحة، من بينها زيادة تغطية المناطق المحمية البحرية والساحلية من 3% إلى 30%، ودعم وصول مساهمة الطاقة المتجددة إلى 50% من مزيج الطاقة المستهدف، وخلق الآلاف من فرص العمل في أنشطة الاقتصاد الأزرق، وحماية استثمارات المملكة في المشاريع السياحية بالمناطق الساحلية، مما يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي.
تنفيذ خطط الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر
تتضافر جهود العديد من المراكز التابعة لوزارة البيئة والمياه والزراعة لتنفيذ خطط الاستراتيجية، بما في ذلك مركز الحياة الفطرية ومركز الغطاء النباتي ومكافحة التصحر. كما تدعم هذه الجهود مبادرات طموحة مثل السعودية الخضراء، ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، ومبادرة مجموعة العشرين، ومبادرة الشعاب المرجانية.
التركيز على الاستدامة في القطاعات الاقتصادية
تركز الاستراتيجية على الحفاظ على البيئة الشاطئية والساحلية والبحرية الغنية، مع التركيز على 15 قطاعًا في مجالات السياحة الاقتصادية، والخدمات البحرية، والزراعة المائية، وغيرها من عناصر الاقتصاد الأزرق.
وفي النهايه :
تجسد الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر رؤية المملكة الطموحة نحو مستقبل مستدام، حيث يتم تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة. من خلال هذه المبادرة، تسعى المملكة إلى أن تكون رائدة عالميًا في مجال الاقتصاد الأزرق، وأن تلهم الدول الأخرى لتبني ممارسات مستدامة لحماية محيطاتنا وبحارنا. فهل ستنجح هذه الاستراتيجية في تحقيق أهدافها الطموحة، وهل ستتمكن المملكة من تحويل البحر الأحمر إلى نموذج يحتذى به في الاستدامة البيئية والاقتصادية؟
