الخيول العربية الأصيلة في السعودية: تاريخ عريق واهتمام متزايد
تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا بالخيول، يشمل ذلك تربيتها وتدريبها، وتوفير المرابط الملائمة لها مع وضع الضوابط والشروط اللازمة لإصدار التراخيص. كما تشجع المملكة رياضة الفروسية من خلال تنظيم العديد من سباقات الخيل المتنوعة.
السمات المميزة للخيول العربية
تتميز الخيول العربية برشاقة قوامها وتناسق جسدها، بالإضافة إلى ظهرها العريض القصير. وتمتلك هذه الخيول وجهًا صغيرًا خاليًا من الوبر، مع لحم خد قليل وعضلات بارزة، وعينين واسعتين متباعدتين عن الأذنين، وأنف مستقيم. يغطي جزءًا من جبهتها غرة مميزة، ولها أطراف تظهر أوتارها بوضوح، وحوافر دائرية صلبة. يتراوح وزن الخيل العربي بين 360 و450 كيلوجرامًا.
عناية الملك عبد العزيز بالخيل
كان للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود إسطبل كبير للخيل العربية الأصيلة، يعتبر من بين الأكبر في شبه الجزيرة العربية. وقد خصص الملك عبد العزيز ديوانًا خاصًا للعناية بالخيل ورعايتها، كما أقام سباقات بين أبنائه انطلقت فيها خيولهم الأصيلة من شمال شرق الرياض، وصولًا إلى ربوة كانت تمثل خط النهاية.
كان الملك عبد العزيز يشاهد السباق من أعلى الربوة، والتي تحولت لاحقًا إلى مبنى النادي الرياضي لسباقات الخيل في حي الملز بالرياض، مما عزز مكانة الخيل وأثرها في اهتمام الأبناء بالفروسية واقتناء الخيول، بالإضافة إلى إنشاء الميادين وإقامة السباقات المحلية والعالمية.
في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود، أُنشئت دكة على الربوة المرتفعة لتكون مكانًا يجتمع فيه ملاك الخيل لمشاهدة السباقات. وعندما تقرر نقل الوزارات من مكة المكرمة إلى الرياض، تم اختيار الجهة الشمالية من الموقع كمنطقة سكنية، وأطلق عليها اسم الملز، نسبة إلى ملز الخيل التي كانت تقام في المنطقة. بعد ذلك، اختيرت مساحة من الأرض لتكوين ميدان سباق الخيل، ووضعت اسطبلات الخيل في الجهة الشرقية من الموقع.
تأسيس نادي سباقات الخيل في السعودية
تأسس نادي سباقات الخيل في عام 1385 هـ الموافق 1965 م، مما أدى إلى إحاطة ميدان سباق الخيل في حي الملز بأسوار، وأقيم فيه أول سباق رسمي للخيل. ومع زيادة نشاط النادي وصعوبة توسعته بسبب موقعه في حي سكني، تقرر بناء ميدان بمواصفات عالمية على مساحة 9 كيلومترات مربعة، وسُمي باسم ميدان الملك عبد العزيز للفروسية تخليدًا لذكراه، ويقع في الجنادرية.
وافق مجلس الوزراء على تنظيم نادي سباقات الخيل بتاريخ 6 محرم 1442 هـ الموافق 25 أغسطس 2020 م، باعتباره شخصية اعتبارية مستقلة ماليًّا وإداريًّا، وكيانًا ينتفع به العامة، ويقع مقره الأساسي في الرياض، مع إمكانية إنشاء فروع أو مكاتب داخل السعودية أو خارجها. تهدف النادي إلى إبراز مكانة المملكة العربية السعودية عالميًّا في مجال سباقات الخيل، وتنظيم المشاركات الخارجية، وإقامة السباقات داخل السعودية، والترويج لثقافة سباق الخيل، والتحفيز على اقتنائها، والاهتمام بها وإنتاجها.
سباقات ومهرجانات الخيل المتنوعة في السعودية
تزخر المملكة العربية السعودية بالعديد من سباقات الخيل والمهرجانات، بما في ذلك سباق كأس السعودية للخيل الذي يعتبر من أغلى البطولات في العالم من حيث قيمة الجوائز. وقد بلغ مجموع جوائز النسخة الأولى من الكأس 29.2 مليون دولار، كما خُصص أحد الأشواط لتتنافس فيه الخيول العربية الأصيلة على كأس العبية كلاسيك. العبية هي الفرس التي امتطاها الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يوم دخوله إلى الرياض. أقيم السباق في ميدان الملك عبد العزيز للفروسية بالرياض في 4 رجب 1441 هـ الموافق 28 فبراير 2020 م.
بالإضافة إلى ذلك، تقام بطولات ومهرجانات خاصة بجمال الخيل العربية، مثل مهرجان الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمي للجواد العربي، الذي شارك في نسخته التاسعة 271 جوادًا من 25 دولة، وأقيم لمدة ثلاثة أيام ابتداءً من 24 جمادى الآخرة 1443 هـ الموافق 27 يناير 2022 م.
كما شارك في بطولة عراب 321 حصانًا عربيًّا، والتي أقيمت في 19 جمادى الأولى 1443 هـ الموافق 23 ديسمبر 2021 م، واستمرت لثلاثة أيام، وقُدرت جوائزها المالية بنحو 700 ألف ريال، إضافةً إلى البطولة الوطنية لجمال الخيل العربية الأصيلة التي يقيمها مركز الملك عبد العزيز للخيل العربية الأصيلة.
يُعتبر ميدان الملك خالد للفروسية في مدينة الطائف أحد الميادين البارزة في السعودية، وقد استضاف موسم سباقات المصيف عام 1442 هـ الموافق 2021 م، الذي استمر لمدة 12 أسبوعًا، بمعدل ثمانية أشواط لكل حفل من مجموع 24 حفلًا.
استحدث موسم سباقات الخيل للمصيف ستة كؤوس، منها كأس الملك فيصل للخيل العربية بجائزة تُقدر بمليون ريال، وكأس عكاظ بقيمة 500 ألف ريال، إضافةً إلى شوط بجوائز بلغ مجموعها مليون ريال تُمنح للخيل المبيعة في المزاد.
دور مركز الملك عبد العزيز للخيل العربية الأصيلة
يهتم مركز الملك عبد العزيز للخيل العربية الأصيلة بتمثيل المملكة العربية السعودية في المنظمات الدولية، ويتبع المعايير العالمية للاهتمام بالخيل وتسجيلها وتنقلاتها. وللمركز ثمانية فروع منتشرة في مناطق مختلفة من المملكة: مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والقصيم، والطائف، والمنطقة الشرقية، والرياض، وحائل، ونجران.
منصة فروسية للخيل السعودية
تعمل منصة فروسية للخيل السعودية على توثيق بيانات أصحاب الخيل وأماكنهم، وتأسيس خريطة لتوزيعهم الجغرافي في المملكة. تتطلب المشاركة في قاعدة البيانات أن يكون المالك سعودي الجنسية، وأن يكون للخيل موقع ثابت وجواز سفر. تستغرق عملية التوثيق خمسة أيام فقط، ولا تتطلب أي مقابل مالي.
وفي النهاية:
تبرز الخيول العربية الأصيلة كرمز ثقافي وتراثي في المملكة العربية السعودية، حيث تحظى باهتمام ورعاية ملكية وشعبية. من خلال تأسيس المراكز المتخصصة، وتنظيم السباقات والمهرجانات، تسعى المملكة إلى تعزيز مكانة الخيل العربية عالميًا والمحافظة على هذا الموروث الثقافي للأجيال القادمة، فإلى أي مدى ستساهم هذه الجهود في تطوير صناعة الخيل والفروسية في المملكة؟










