إدارة الحشود: منظومة متكاملة في خدمة ضيوف الرحمن
تعتبر إدارة الحشود في مواسم الحج والعمرة منظومة متكاملة تجمع بين الخدمات والتقنيات والخطط التي تطبقها المملكة العربية السعودية. الهدف منها هو تنظيم وإدارة التجمعات البشرية الهائلة التي تفد إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج والعمرة. يتم ذلك من خلال التنسيق الفعال بين مختلف الجهات المختصة والقائمين على التنظيم، مع الأخذ في الاعتبار توفير الخدمات الأساسية، وتنظيم حركة المرور، وضمان سلامة الحجاج والمعتمرين.
نموذج سعودي عالمي في إدارة الحشود
بفضل الخبرة المتراكمة على مر السنين، أصبحت إدارة الحشود في مواسم الحج والعمرة نموذجًا عالميًا يحتذى به. ونظرًا للتحديات الفريدة التي تفرضها هذه المناسبة الدينية، مثل التنوع الثقافي للحشود وتجمعهم في أماكن وأوقات محددة، تولي الحكومة السعودية اهتمامًا بالغًا بتوزيع المهام على عدة جهات وهيئات تابعة لها، مما يضمن إنجاز المهام بكفاءة عالية ويقلل الأعباء على العاملين.
تنظيم وإدارة الحشود: تعاون وتكامل
تعد مواسم الحج والعمرة من أكبر التجمعات البشرية المنظمة في العالم. وتتضافر جهود العديد من الجهات لإدارة هذه الحشود وتقديم أفضل الخدمات لهم.
وزارة الحج والعمرة
تعتمد الوزارة على التطبيقات الإلكترونية لخدمة الحجاج والمعتمرين، وتعمل على تطويرها باستمرار. كما تقوم بإنشاء أنظمة وتقنيات متطورة للمتابعة والمراقبة، وتطوير قواعد البيانات المكانية. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الوزارة لتعزيز التعاون الإلكتروني مع مركز معلومات النقل، وتطوير آليات التعاقد لتحسين مستوى خدمات النقل.
معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة
تأسس المعهد عام 1395هـ/1975م، ويختص بدراسة كل ما يتعلق بإدارة الأزمات والحشود في الحج. يهدف المعهد إلى تطوير مجالات البحوث العلمية، ووضع التصورات والخطط والحلول التي تُعنى بإدارة شؤون الحج والمشاعر المقدسة بأسلوب علمي ومنظم.
المركز العالمي لطب الحشود بوزارة الصحة
يهدف المركز إلى دعم الممارسات التي تحسن الخدمات المقدمة للحشود، واستخدام التقنيات الحديثة في مجال صحة الحشود وإدارتها. وذلك من خلال تعزيز البحوث والدراسات العلمية، وتطوير الكوادر البشرية العاملة في المجال، وتفعيل دور المجتمع في تعزيز الصحة أثناء التجمعات، وإنشاء نظام معلوماتي صحي لإدارة الحشود.
الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي
تبذل الهيئة، ممثلة في الإدارة العامة للحشود والتفويج، جهودًا متواصلة على مدار الساعة لتسهيل دخول الحجاج والمعتمرين إلى المسجد الحرام. يقوم المراقبون بدورهم على امتداد الممرات لتنظيم الحركة ومنع التكدس، وضمان انسيابية الحركة.
القوات الخاصة لأمن الحج والعمرة
تضطلع القوات الخاصة لأمن الحج والعمرة بمهام حفظ الأمن ومتابعة الأعمال التنظيمية والإرشادية، وإدارة حركة الحشود، وتقديم الخدمات الإنسانية والتوعوية على مدار الساعة. تعتمد القوات على كوادر بشرية مؤهلة وأجهزة تقنية متطورة وكاميرات مراقبة رقمية، تدار من غرفة العمليات الخاصة بالقوات.
المديرية العامة للدفاع المدني
تضع المديرية خططًا تهدف إلى حماية الحجاج والمواطنين، وتوفير السلامة لهم من أخطار الحوادث والكوارث. وتستفيد المديرية من تقنيات المعلومات الحديثة، مثل نظام GIS، في أعمال الدفاع المدني.
برنامج خدمة ضيوف الرحمن
يُعد أحد برامج رؤية السعودية 2030، ويرتكز على تقديم خدمات عالية الجودة للحجاج والمعتمرين. يهدف البرنامج إلى رفع مستوى إدارة الحشود، ومراقبة مدى تحسن الخدمات، وتقليص مدة الانتظار، مما يسهم في تيسير رحلة الحاج والمعتمر.
خدمات النقل المتطورة
توفر المملكة العربية السعودية كل ما يلزم لتيسير عملية نقل الحجاج والمعتمرين، بدءًا من مطارات بلدانهم وصولًا إلى الأراضي المقدسة وعودتهم إلى ديارهم.
الخطوط الحديدية السعودية (سار)
تقدم خدمات نقل الحجاج بين مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر قطار الحرمين، بالإضافة إلى قطار المشاعر المقدسة الذي يتميز بطاقته الاستيعابية العالية.
الشركة السعودية للنقل الجماعي (سابتكو)
تشارك بالتعاون مع عدة شركات في تقديم خدمات النقل، وتوفير حافلات حديثة خلال موسم الحج.
الذكاء الاصطناعي في خدمة الحشود
في موسم حج عام 1444هـ/2023م، استخدمت وزارة الداخلية، بالتعاون مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، خوارزميات الذكاء الاصطناعي للمرة الأولى عبر منصتي سواهر وبصير، لرفع مستوى الدقة في رصد الظواهر الأمنية في المسجد الحرام والمشاعر المقدسة، ووضع الخطط الأمنية الاستباقية لإدارة وتنظيم حركة الحشود.
إدارة الحشود في أوقات الذروة
تتطلب أوقات الذروة خلال العام استعدادًا مضاعفًا لإدارة الحشود. وتعمل الإدارة العامة للحشود والتفويج التابعة للهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على مدار الساعة لتيسير عملية التفويج وإدارة الحشود.
ويُعد صباح صلاة الجمعة من أكثر الأوقات ازدحامًا خلال الأسبوع، في حين يُمثل شهر رمضان أكثر الأشهر كثافةً عددية، بالإضافة إلى موسم الحج الذي يشهد توافد ملايين الحجاج.
وترفع الجهات المشاركة في التفويج مستوى جاهزيتها في أوقات الذروة، وتعمل بالتنسيق فيما بينها على إدارة الحشود، وتدريب الكوادر البشرية على التعامل مع الحشود بمهنية عالية.
وتضع الجهات المعنية خططًا مختلفة بحسب ما يقتضي الوضع الراهن، وتتخذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة وراحة الحجاج والمعتمرين.
وفي النهايه :
تتضافر جهود المملكة العربية السعودية لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، وتسخير التقنيات الحديثة والخطط الاستراتيجية لإدارة الحشود بكفاءة عالية، وضمان سلامتهم وراحتهم خلال أدائهم مناسك الحج والعمرة. فهل ستشهد الأعوام القادمة تطورات نوعية أخرى في هذا المجال، وكيف سيتم الاستفادة من التقنيات الناشئة لتحقيق مزيد من التحسينات في إدارة الحشود وتسهيل رحلة الحجاج والمعتمرين؟
