حقل منيفة: درة نفطية تحافظ على البيئة البحرية
يقع حقل منيفة في قلب الخليج العربي، شمال مدينة الجبيل بشرق المملكة العربية السعودية. يُعتبر هذا الحقل النفطي العملاق، خامس أكبر حقول النفط على مستوى العالم، بمساحة شاسعة تضم ستة مكامن نفطية تمتد على طول 45 كيلومترًا وعرض 18 كيلومترًا. يتميز الحقل بوقوعه في منطقة بحرية ذات مياه ضحلة، حيث يتراوح عمقها بين متر واحد و15 مترًا.
اكتشاف وأهمية حقل منيفة
اكتُشف حقل منيفة في عام 1957، ولم يقتصر دوره على كونه كنزًا دفينًا للنفط والغاز، بل يُعد أيضًا موطنًا حيويًا للأعشاب البحرية والشعاب المرجانية. تزخر مياه الخليج العربي بتنوع بيولوجي فريد، من محار اللؤلؤ إلى الثعابين البحرية والروبيان والسلطعون والدلافين والسلاحف البحرية، بما في ذلك سلحفاة منقار الصقر المهددة بالانقراض، كما يُعتبر ملاذًا آمنًا للطيور المهاجرة.
دور حقل منيفة في دعم المجتمعات المحلية
يلعب خليج منيفة دورًا حيويًا كمصدر رزق أساسي لصيادي الأسماك والمجتمعات المحلية المجاورة. ونظرًا لحساسية هذا النظام البيئي تجاه الصيد الجائر والتلوث، كان الحفاظ على هذا المتحف المائي ضرورة مُلحة.
استراتيجية أرامكو لإنتاج النفط المستدام
في عام 2006، بدأت أرامكو السعودية باستثمار مبدئي قدره عشرة مليارات دولار، سعيًا لإيجاد أفضل السبل لإنتاج النفط من الحقل، مع الأخذ في الاعتبار الحفاظ على البيئة البحرية. تطلّب ذلك وضع استراتيجية متكاملة تُمكّن الشركة من استغلال الثروة النفطية مع حماية البيئة. استدعى الأمر الاستعانة بمهندسين ومتخصصين، وتطوير أساليب حفر مبتكرة في المياه الضحلة، بالإضافة إلى استخدام تقنيات لم تكن مستخدمة من قبل.
تحويل الحقل إلى بيئة برية
بعد عدة تحديات، توصلت أرامكو في عام 2007 إلى تصميم جديد يعتمد على تحويل أكثر من 70% من الحقل إلى حقل بري. تم إنشاء 27 جزيرة اصطناعية، تعادل مساحة كل منها عشرة ملاعب كرة قدم، لتصبح مواقع حفر برية فوق حقل النفط البحري. تم ربط هذه الجزر ببعضها البعض عبر جسر بحري يبلغ طوله 41 كيلومترًا.
الحفاظ على البيئة البحرية
قبل البدء في العمل، أجرت الشركة بالتعاون مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أبحاثًا معمقة أكدت على أهمية الحفاظ على تدفق المياه وتوفير المساحات اللازمة لحرية حركة الكائنات البحرية. ونتيجة لذلك، تم تصميم فتحة بين خط الساحل والجسر البحري، بالإضافة إلى إنشاء 13 جسرًا إضافيًا، للمساهمة في الحفاظ على حركة التيارات المائية الطبيعية وتوفير العناصر الغذائية والأكسجين.
حماية الشعب المرجانية والحياة البحرية
ساهمت الأبحاث أيضًا في تحديد المواقع المثالية لإنشاء الجزر الاصطناعية والجسور البحرية، بهدف حماية الشعب المرجانية وتجنب إعاقة مسارات الكائنات البحرية، وضمان بقاء الخليج بيئة مناسبة لتكاثر الأسماك والروبيان.
بدء الإنتاج وتجاوز التوقعات
في عام 2013، بدأ إنتاج النفط من الحقل بتكلفة تقل بأكثر من مليار دولار عن الميزانية المخصصة، مما يعكس الكفاءة والابتكار في إدارة المشروع.
وفي النهايه :
يُعد حقل منيفة مثالًا رائعًا على إمكانية تحقيق التوازن بين استغلال الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة. فهل يمكن لهذا النموذج أن يلهم مشاريع مماثلة في مناطق أخرى حول العالم، لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة؟
