ميقات ذات عرق: محطة تاريخية على طريق الحج
في رحاب الاستعداد الروحاني للحج أو العمرة، تبرز أهمية المواقيت المكانية كمحطات لا غنى عنها. ومن بين هذه المعالم، يتربع ميقات ذات عرق كأحد أبرزها، حيث يمثل نقطة عبور أساسية للمقبلين من العراق وشمال المملكة العربية السعودية، ومن يسلكون دربهم. يقع هذا الميقات في محافظة الطائف، شمال شرق مكة المكرمة، على بعد 90 كيلومترًا، محاذيًا لطريق الحج العراقي التاريخي.
ميقات ذات عرق في ذاكرة السيرة النبوية
لم يغب اسم ذات عرق عن صفحات السيرة النبوية العطرة، إذ ارتبط بالسرايا والغزوات التي قادها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك النواحي. من بين هذه الأحداث، تبرز سرية زيد بن الحارثة إلى القردة، بالقرب من ذات عرق، في العام الثالث الهجري. ومع تأسيس مدينتي البصرة والكوفة، وازدهار طرق الحج المؤدية إلى مكة المكرمة، تحولت ذات عرق إلى محطة رئيسة على طريق الحج العراقي، الكوفي والبصري، لتستقبل قوافل الحجاج والمعتمرين.
أصل تسمية ذات عرق
يستمد موقع ذات عرق تسميته من جبل شاهق يبلغ ارتفاعه 1141 مترًا فوق سطح البحر، يتميز بوجود عرق أسود يمتد لمسافة 1500 متر من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي. يعتبر موقع ذات عرق كنزًا أثريًا على طريق الحج العراقي، حيث تنتشر آثار الطريق والمحطة على امتداد وادي الضريبة وسفوح الهضاب المحيطة به. ومع مرور الزمن، لم يعد الموقع معروفًا بهذا الاسم، بل بات يُعرف بالضريبة، نسبة إلى قرية حديثة نشأت بالقرب منه.
مشروع تطوير ميقات ذات عرق: رؤية عصرية
في عام 1440هـ/2019م، بادرت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بإعادة إحياء مشروع تأهيل ميقات ذات عرق، بتكلفة تقدر بنحو 68 مليون ريال. يشمل المشروع إنشاء جامع كبير يتسع لأربعة آلاف مصل، ومغسلة للموتى، و256 دورة مياه، مجهزة لخدمة ذوي الإعاقة وكبار السن، بالإضافة إلى 208 مواضئ، و21 محلًا تجاريًا لخدمة الحجاج والمعتمرين.
مرافق متكاملة لخدمة الحجاج
يتضمن المشروع عيادة طبية متكاملة، ومكاتب إدارية، ومكاتب للجهات الحكومية ذات الصلة، ومبنى للتوعية والإرشاد، وسكنًا للإمام والمؤذن، وسكنًا للعاملين والعاملات والضيوف، ومركز خدمات للسيارات، وقناة محيطة بالمشروع للحماية من السيول، وجسرين لدخول السيارات والحافلات، ومواقف واسعة للسيارات والحافلات.
وفي النهايه :
ميقات ذات عرق، هذا المعلم التاريخي الذي شهد مرور قوافل الحجاج على مر العصور، يعود اليوم بحلة جديدة، ليواكب تطلعات الحاضر ويستقبل ضيوف الرحمن بأفضل الخدمات والتسهيلات. فهل سيساهم هذا التطوير في إحياء الدور التاريخي للميقات وتعزيز مكانته كوجهة روحانية بارزة؟











