مبادرة الرياض: رؤية عالمية للتصدي للجفاف وتعزيز القدرة على الصمود
في خطوة سباقة، أعلنت المملكة العربية السعودية عن إطلاق مبادرة شراكة الرياض العالمية من أجل القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف، في 2 ديسمبر 2025، الموافق 1 جمادى الآخرة 1446هـ. وقد تم هذا الإعلان خلال فعاليات الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) التي استضافتها الرياض، بهدف توطيد التعاون الدولي للتصدي لتحديات الجفاف المتزايدة، لا سيما في الدول الأكثر عرضة لتأثيراته المدمرة.
الدعم السعودي اللامحدود للمبادرة
تجسيدًا لالتزامها الراسخ، قدمت السعودية تبرعًا سخيًا بقيمة 150 مليون دولار أمريكي لشراكة الرياض العالمية، على أن يتم تخصيص هذا المبلغ على مدى عشر سنوات. يهدف هذا التمويل إلى إيجاد حلول استباقية للتحديات البيئية والإنسانية الناجمة عن الجفاف. إضافة إلى ذلك، تتكفل المملكة بتغطية نفقات مكتب الشراكة لمدة لا تقل عن 10 سنوات، لضمان استدامة العمليات وتحقيق تأثيرات إيجابية طويلة الأجل.
جهود المملكة المتكاملة في مواجهة الجفاف
تضاف هذه المبادرة إلى سلسلة من الجهود التي تبذلها السعودية لمكافحة الجفاف، بما في ذلك مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، بالإضافة إلى المبادرة العالمية للحفاظ على الأراضي التي أطلقتها المملكة تحت مظلة مجموعة العشرين، فضلاً عن تأسيس المنظمة العالمية للمياه.
أهداف استراتيجية لمواجهة الجفاف
تهدف مبادرة الرياض العالمية إلى التحول نحو استعداد استباقي لمواجهة الجفاف، من خلال تطوير استراتيجيات متكاملة تشمل:
- تعزيز أنظمة الإنذار المبكر.
- تقييم المخاطر الناجمة عن الجفاف.
- تسهيل التمويل اللازم لتعزيز البنية التحتية للمياه.
- تقديم حلول تأمينية مبتكرة لصغار المزارعين.
- تبني حلول زراعية مستدامة واستخدام محاصيل مقاومة للجفاف.
التداعيات العالمية للجفاف
يؤدي الجفاف إلى تفاقم مشكلات انعدام الأمن الغذائي والمائي، ويتسبب في نزوح الملايين من السكان، ويكبد الدول المتضررة خسائر اقتصادية فادحة. يعيش حوالي 85% من المتضررين من الجفاف في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وقد طالت تأثيراته 1.84 مليار شخص في عام 2022. بين عامي 2020 و2023، أعلنت أكثر من 55 دولة حالات الطوارئ بسبب الجفاف. في أفريقيا، تأثرت 38% من مساحات الأراضي بالجفاف بين عامي 2016 و2019، وشهدت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي دمارًا مماثلًا، حيث تأثرت 37.9% من مساحة الأراضي خلال الفترة نفسها.
آلية عمل مبتكرة
تعمل المبادرة بالشراكة مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والدول والمنظمات الدولية، بهدف تحفيز التحول في التعامل مع تحديات الجفاف على مستوى العالم. من خلال تضافر جهود المؤسسات العالمية الكبرى، تسعى المبادرة إلى تغيير آليات مواجهة الجفاف جذريًا، والتحول من الاستجابة الطارئة إلى نهج استباقي يعتمد على تعزيز أنظمة الإنذار المبكر، وتوفير التمويل اللازم، وتقييم جوانب الضعف، والتخفيف من مخاطر الجفاف.
مكتب دائم وتنسيق عالمي
تتولى المبادرة إدارة مكتب دائم يهدف إلى ربط الدول والمجتمعات المعرضة للخطر بالموارد المتاحة، بالإضافة إلى التعاون والتنسيق مع المبادرات الجارية في هذا المجال على مستوى العالم، لمضاعفة التأثير الإيجابي. كما تعطي المبادرة الأولوية لإطلاق آليات تمويل جديدة لمواجهة الجفاف، وزيادة فرص الحصول على الائتمان وتمويل الأسهم ومنتجات التأمين والمنح المالية.
وفي النهاية:
تجسد مبادرة شراكة الرياض العالمية من أجل القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف رؤية المملكة العربية السعودية في تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات العالمية الملحة. هل ستنجح هذه المبادرة في تحقيق أهدافها الطموحة، وهل ستتمكن من إحداث تغيير حقيقي في حياة المجتمعات الأكثر تضررًا من الجفاف؟
