مبادرة الشرق الأوسط الأخضر: رؤية نحو مستقبل مستدام
في سياق الجهود العالمية لمواجهة التغير المناخي، برزت مبادرة الشرق الأوسط الأخضر كمشروع طموح، أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، في مارس 2021. تهدف هذه المبادرة إلى حماية البيئة، وتقليل آثار التغير المناخي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتخفيف من تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة على جودة الحياة.
أهمية مبادرة الشرق الأوسط الأخضر
تعتبر مبادرة الشرق الأوسط الأخضر جهداً إقليمياً رائداً تقوده المملكة العربية السعودية، يهدف إلى الحد من تأثيرات التغيرات المناخية على المنطقة. تسعى المبادرة إلى تعزيز التعاون الإقليمي وبناء بنية تحتية قادرة على خفض الانبعاثات وحماية البيئة، مما يسهم في تحقيق الأهداف العالمية لمكافحة التغير المناخي.
ركائز مبادرة الشرق الأوسط الأخضر
تستند مبادرة الشرق الأوسط الأخضر إلى ثلاث ركائز أساسية، تشمل الإشراف البيئي، ونقل المعرفة، وتقديم حلول مستقبلية مبتكرة لمعالجة قضايا المناخ. يهدف هذا النهج الشامل إلى إيجاد حلول جذرية تعزز استدامة البيئة وتحسن جودة حياة الإنسان في المنطقة.
وتمثل مبادرة الشرق الأوسط الأخضر نقطة انطلاق لتضافر الجهود وتوسيع نطاق الالتزامات المناخية، بهدف حماية المنطقة من التغيرات المناخية ودعمها في تنفيذ خططها المستقبلية في هذا المجال، بما يحقق مستقبلًا أفضل لسكانها.
الدول الداعمة لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر
تنطلق مبادرة الشرق الأوسط الأخضر من مبدأ أساسي هو “كوكب الأرض أولاً”، وتسعى لإحداث تأثير إيجابي يتجاوز الجوانب البيئية، ليشمل خلق فرص اقتصادية كبيرة. تحظى المبادرة بدعم دولي واسع بقيادة المملكة العربية السعودية، وبمشاركة فعالة من دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، والسويد، واليونان، والبرازيل، وباكستان، والهند، والكويت، والأردن، والجزائر، والمغرب، وتونس، وليبيا، والعراق، وقطر، ومصر، والبحرين، والإمارات، وسلطنة عمان، وجيبوتي، وتشاد، وتنزانيا، وجنوب أفريقيا، واليمن، وفلسطين.
أهداف مبادرة الشرق الأوسط الأخضر
تهدف مبادرة الشرق الأوسط الأخضر إلى تحقيق عدة أهداف طموحة، منها زراعة 50 مليار شجرة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك 10 مليارات شجرة داخل المملكة العربية السعودية. بالإضافة إلى ذلك، تسعى المبادرة إلى استصلاح والعناية بـ 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة من خلال التشجير، مما يسهم في خفض الانبعاثات الكربونية العالمية بنسبة 2.5%. كما تهدف المبادرة إلى تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن إنتاج النفط والغاز في المنطقة بنسبة تتجاوز 60%.
مؤسسة المبادرة الخضراء
أنشأت المملكة العربية السعودية مؤسسة المبادرة الخضراء، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى دعم وضمان تحقيق أهداف مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، من خلال توفير الدعم اللازم لتنفيذ المشاريع والمبادرات المختلفة.
المشاريع الفرعية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر
تتضمن المشاريع الفرعية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر مجموعة من المبادرات الهامة، منها منصة تعاونية لتسريع تطبيق مفاهيم الاقتصاد الدائري للكربون، وإنشاء صندوق استثماري إقليمي مخصص لتمويل الحلول التقنية للاقتصاد الدائري للكربون. كما تشمل المشاريع إنشاء مركز إقليمي لاحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، ومركز إقليمي للتنمية المستدامة لمصايد الأسماك، ومركز إقليمي للتغير المناخي، ومركز إقليمي للإنذار المبكر بالعواصف. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن المبادرة برنامجًا إقليميًا لبذر السحب يهدف إلى زيادة معدل هطول الأمطار بنسبة 10-20%، ومبادرة إقليمية لحلول الوقود النظيف لأغراض الطهي، لتوفير حلول غذائية نظيفة لأكثر من 750 مليون شخص حول العالم.
قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر
تمثل قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر جزءًا أساسيًا من جهود المبادرة لتوحيد الجهود وتعزيز التعاون بين قادة المنطقة لتحقيق الأهداف البيئية المشتركة. تهدف القمة إلى تكثيف الجهود لمواجهة التحديات المناخية والاتفاق على آليات العمل، وقد عقدت أولى فعالياتها في أكتوبر 2021 في الرياض.
تعمل قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر على تشكيل تحالف لمكافحة التغير المناخي في الشرق الأوسط، وهو الأول من نوعه في المنطقة، بالإضافة إلى وضع أسس لدبلوماسية المناخ وتعزيز الإرادة السياسية اللازمة لإحداث تغيير جذري. كما تسعى القمة إلى تعزيز الاستثمار ونقل المعرفة لمواجهة التحديات المشتركة، وتوفير منصة تجمع بين المعرفة ورأس المال.
قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر 2021
استضافت الرياض في 25 أكتوبر 2021 النسخة الأولى من الاجتماع الدوري لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمناقشة تغير المناخ وتوحيد الجهود لمكافحته والحفاظ على كوكب الأرض.
وشارك في القمة قادة وممثلون من الكويت والأردن والجزائر والمغرب وتونس واليمن والعراق وقطر ومصر وفلسطين، واتفقوا على عقد القمة بشكل دوري لمتابعة التقدم في تحقيق أهداف المبادرة.
قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر 2022
في 7 نوفمبر 2022، انطلقت النسخة الثانية من قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر في مدينة شرم الشيخ، برئاسة مشتركة بين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
تزامنت فعاليات القمة مع انعقاد قمة قادة العالم في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP27)، وشهدت مشاركة واسعة من رؤساء الدول والحكومات من مجلس التعاون الخليجي، ومنطقة الشرق الأوسط، ودول المشرق العربي، وأفريقيا، والشركاء الدوليين.
سعت الدول المشاركة في القمة إلى تحقيق الأهداف الإقليمية التي أعلنتها السعودية في القمة الافتتاحية، وهي تقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة بأكثر من 10% من الإسهامات العالمية، وزراعة 50 مليار شجرة في المنطقة، ضمن برنامج يعد الأكبر من نوعه في العالم.
وفي النهايه :
مبادرة الشرق الأوسط الأخضر تمثل رؤية طموحة نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا لمنطقة الشرق الأوسط. بفضل الدعم الدولي والإقليمي، والمشاريع الطموحة التي تتضمنها، تسعى المبادرة إلى تحقيق تحول حقيقي في مواجهة التحديات المناخية، وتحسين جودة الحياة لسكان المنطقة. هل ستنجح هذه المبادرة في تحقيق أهدافها الطموحة، وهل ستكون نموذجًا يحتذى به في مناطق أخرى من العالم؟











