الاستمطار الصناعي في السعودية: رؤية متكاملة لتعزيز الموارد المائية
الاستمطار الصناعي في السعودية يمثل تقنية متطورة تهدف إلى تحفيز وزيادة هطول الأمطار من خلال التأثير في الخصائص الفيزيائية لبعض أنواع السحب. هذا البرنامج الطموح يسعى إلى تعزيز كمية ونوعية الأمطار في مناطق محددة مسبقًا، ويستهدف زيادة معدل الهطول المطري في المملكة بنسبة تصل إلى 20%. تجسدت هذه الجهود بموافقة مجلس الوزراء في 11 فبراير 2020م، وتشرف وزارة البيئة والمياه والزراعة على تنفيذ هذا المشروع الحيوي.
آلية عمل برنامج الاستمطار الصناعي
تعتمد آلية عمل البرنامج على استخدام طائرات مخصصة لبذر مواد محفزة وصديقة للبيئة مباشرة في السحب، بهدف تحفيز عملية هطول الأمطار في المناطق المستهدفة. من خلال هذه التقنية، تسعى المملكة إلى تقليل مساحة التصحر، وإيجاد مصادر مياه مستدامة، وزيادة المساحات الخضراء، مما يعزز البيئة ويحسن الموارد الطبيعية.
مراحل تطبيق البرنامج
في إطار تطبيق برنامج الاستمطار الصناعي، أُنشئت غرفة عمليات متخصصة في المركز الوطني للأرصاد بالعاصمة الرياض. تتولى هذه الغرفة مراقبة دقيقة للسحب المرشحة للاستمطار وتنفيذ العمليات الميدانية. بعد تدشين العمليات التشغيلية، انطلقت أولى الطلعات الجوية للاستمطار في مناطق الرياض، وحائل، والقصيم في 27 أبريل 2022م، لتكلل سنوات من التجارب التي بدأت قبل ذلك بنحو 18 عامًا بالنجاح.
تجهيزات غرفة العمليات وتقنياتها
تعمل غرفة العمليات وفق خطة زمنية محكمة وضمن إطار عمل تشغيلي متكامل. وقد جُهزت بأحدث التقنيات الأرصادية والرادارات الدقيقة، وبمشاركة خبراء دوليين متخصصين في مجال الاستمطار، بالإضافة إلى الدعم الفني واللوجستي اللازم لضمان فعالية العمليات.
أهداف برنامج الاستمطار الصناعي في السعودية
يهدف برنامج الاستمطار الصناعي بشكل أساسي إلى تخفيف الضغط المتزايد على المصادر المائية في المملكة، نتيجة لتوسع قطاعات الطاقة والنقل والزراعة والتعدين، بالإضافة إلى النمو السكاني المتسارع وزيادة الطلب على المياه. كما يساهم البرنامج في الحد من ظواهر الجفاف من خلال توفير مصادر مائية مبتكرة، وتعزيز الاستدامة البيئية، وتحسين الأداء البيئي، وتنمية الغطاء النباتي.
تاريخ تجارب الاستمطار الصناعي في السعودية
تعود تجارب السعودية في الاستمطار الصناعي إلى عام 2004م، حيث بدأت بالتعاون مع شركة WMI لإجراء تجارب في منطقة عسير ودراسة جدوى هذه التقنية. وفي الفترة بين عامي 2006 و2007، تم توقيع اتفاقية مع WMI لتطبيق تجارب الاستمطار لمدة ستة أشهر في مناطق الرياض، وحائل، والقصيم. وفي عام 2009، شاركت 10 طائرات مخصصة في تطبيق مشروع الاستمطار بالتعاون مع الشركة نفسها، وبمشاركة نخبة من العلماء السعوديين المتخصصين في هذا المجال.
وفي النهايه :
يعكس برنامج الاستمطار الصناعي في السعودية التزام المملكة بتعزيز مواردها المائية ومواجهة تحديات التغير المناخي. من خلال تبني أحدث التقنيات والاستفادة من الخبرات العالمية، تسعى المملكة إلى تحقيق استدامة بيئية وتنمية مستدامة، فهل ستنجح هذه الجهود في تحقيق الأمن المائي المنشود، وهل يمكن أن تصبح هذه التقنية نموذجًا يحتذى به في مناطق أخرى تعاني من ندرة المياه؟










