الغابات في السعودية: ثروة طبيعية واستراتيجيات حماية وتنمية
تعتبر الغابات في السعودية تجمعات نباتية متنوعة، تشمل الأشجار والشجيرات والنباتات العشبية. سواء كانت هذه التجمعات طبيعية أو مستزرعة، فإنها تغطي ما لا يقل عن 10% من المساحة بكثافة شجرية. تحتضن المملكة نحو 100 نوع من النباتات التي تسهم في التنوع البيولوجي.
مساحة الغابات وتوزيعها الجغرافي
تتوزع غابات السعودية في مناطق مختلفة، وتغطي حوالي مليوني هكتار. تتركز معظم هذه الغابات في الجزء الجنوبي والجنوبي الغربي من المملكة، على امتداد سلسلة جبال السروات. تعتمد هذه الغابات بشكل أساسي على الأمطار الموسمية، وتتميز بأشجار مثل العرعر والأكاسيا والطلح.
التنوع النباتي في الغابات السعودية
تزخر الغابات في السعودية بتنوع نباتي كبير، حيث تضم حوالي 100 نوع من النباتات وحوالي 2500 نوع من الشجيرات والأعشاب. تتميز هذه النباتات بقدرتها على التكيف مع الظروف البيئية القاسية مثل الجفاف والحرارة الشديدة والبرودة. أشجار العرعر، بأوراقها الإبرية، تعتبر من أبرز النباتات في جنوب غرب المملكة، حيث تشكل حوالي 60% من الغطاء النباتي ومساحة الغابات.
أنواع الغابات في السعودية
تصنف الغابات في السعودية إلى عدة أنواع حسب التنوع البيئي:
-
الغابات الجبلية: تعتمد على الأمطار في المرتفعات الجبلية، وتنقسم حسب الارتفاع إلى غابات العرعر (أكثر من 2000م)، وغابات متوسطة الارتفاع (1500-2000م)، وغابات الطلح والبلسم (1000-1500م). تغطي الغابات الجبلية حوالي 977 ألف هكتار.
-
غابات المناطق شبه الدافئة: تقع على الجزء الغربي من جبال السروات وجبال تهامة، وتضم نباتات مثل السمر والسلم والسرح والسدر ونخيل الدوم وشجيرات الأراك، وتغطي مساحة 130 ألف هكتار.
-
غابات الروضات والأودية الرعوية: تتشكل بجانب الروضات والأودية الرعوية، وتضم أشجارًا وشجيرات متنوعة مثل الطلح والسدر والأثل والأراك والعوسج ونبات الغضا، وتغطي مساحة 900 ألف هكتار.
-
غابات الشورى (المانجروف): تقع على شواطئ البحر الأحمر والخليج العربي، وتلعب دورًا حيويًا في استدامة النظم البيئية البحرية والساحلية، وتوفر بيئة لتكاثر الأسماك، وتغطي مساحة تتراوح بين 3000 و 6000 هكتار.
أهمية الغابات في السعودية
تضطلع الغابات في السعودية بأدوار حيوية في مختلف المجالات:
- اقتصادياً: تعد مصدراً للمياه والأخشاب، وتساهم في الحد من التعرية والفيضانات، وتوفر المواد الخام لصناعة الأثاث والأدوات الزراعية.
- اجتماعياً: تساعد في تكوين المراعي المناسبة لتربية الحيوانات وإنتاج العسل.
- بيئياً: تشكل مأوى للحيوانات البرية وموئلاً للحياة الفطرية، وتنتج الأكسجين وتقلل من التلوث.
- ثقافياً: تعتبر مناطق جذب سياحي وترفيهي.
تحديات تواجه الغابات وجهود المحافظة عليها
تواجه الغابات في السعودية تحديات كبيرة نتيجة الأنشطة البشرية الضارة، مثل قطع الأشجار، والرعي الجائر، والتوسع العمراني، والحرائق، والأنشطة التعدينية.
لمواجهة هذه التحديات، اتخذت المملكة إجراءات للحفاظ على الغابات وتنميتها، بما في ذلك تشكيل لجان متخصصة لإعداد خرائط استخدامات الأراضي، وتقديم برامج لبناء القدرات وتثقيف المجتمع بأهمية الغابات، ودعم البحوث والدراسات في هذا المجال.
حماية ومراقبة الغابات
أطلق المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر دوريات حماية ومراقبة الغابات والمتنزهات في منطقة عسير، باستخدام الطائرات بدون طيار لرصد التعديات والمخالفات واتخاذ الإجراءات اللازمة.
جهود تنمية الغابات
تعمل وزارة البيئة والمياه والزراعة على تنمية الغابات واستدامتها من خلال إعداد اللوائح التطبيقية لنظام المراعي والغابات، واعتماد خطة العمل الوطنية للغابات، وتأهيل المواقع المتدهورة، وصيانة مشاريع التشجير، وتشييد المتنزهات الوطنية، والاهتمام بالبحث العلمي وتوعية السكان.
بالإضافة إلى ذلك، قدم برنامج التعاون الفني بين الوزارة ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة مشروعات تهدف إلى دعم إدارة الموارد الطبيعية، وتعزيز القدرات الفنية، وتطوير التقنيات، والإكثار من النباتات المحلية، وتأهيل الغابات المتدهورة.
مبادرة السعودية الخضراء
تعد مبادرة السعودية الخضراء، التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، من أبرز مبادرات المملكة في حماية البيئة، حيث تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، وزراعة 10 آلاف مليون شجرة في كافة أنحاء المملكة، وحماية المناطق البحرية والبرية.
ضوابط المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر
وضع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر ضوابط خاصة لحماية الغابات، مثل منع الرعي في الغابات المحمية والمتدهورة والمستزرعة، ومنع ممارسة أي نشاط في الغابات المحترقة إلا بتصريح من المركز.
الخطة الاستراتيجية للغابات في السعودية
تعتبر الخطة الاستراتيجية للغابات في المملكة من مشاريع برنامج التحول الوطني، وترتكز على ستة مرتكزات رئيسة: الخطة التنفيذية للغابات، والإطار المؤسسي وحوكمة الغابات، وبرنامج الحفاظ على الغابات وإعادة تأهيلها، وبرنامج مراقبة وتقييم الغابات، وبرنامج المشاركة المجتمعية، وآليات التمويل.
وفي النهايه :
تعتبر الغابات في السعودية ثروة طبيعية ذات أهمية اقتصادية واجتماعية وبيئية وثقافية. وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها، فإن الجهود المبذولة لحمايتها وتنميتها تعكس التزام المملكة بالحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة. هل ستنجح هذه الجهود في تحقيق التوازن بين التنمية والحفاظ على هذه الثروة الطبيعية للأجيال القادمة؟











