مقام إبراهيم: تحفة معمارية عبر التاريخ
مقام إبراهيم، ذلك الحجر الأثري الشاهد على بناء الكعبة المشرفة، يحمل في طياته تاريخًا طويلًا من العناية والتطوير. هذا المقام، الذي وطأته قدما النبي إبراهيم عليه السلام، لم يكن مجرد معلم ديني، بل تحفة فنية خضعت لتحسينات مستمرة على مر العصور، تعكس اهتمام الخلفاء والملوك بتخليد هذا الأثر العظيم.
لمحات من تاريخ ترميم وتطوير مقام إبراهيم
العصر العباسي: تذهيب المقام للمرة الأولى
في عام 160هـ الموافق 777م، شهد المقام حدثًا بارزًا، حيث أمر الخليفة العباسي المهدي بتغليف المقام بطلاء من الذهب، لتكون هذه هي المرة الأولى التي يزدان فيها المقام بهذا المعدن النفيس.
عهد المتوكل: تذهيب متكرر
في عام 236هـ الموافق 851م، تكرر تذهيب المقام في عهد الخليفة المتوكل على الله، ليؤكد على الأهمية الدينية والفنية لهذا المعلم. ولم يقتصر الأمر على ذلك، ففي عامي 251هـ و 256هـ (865م و 870م)، استمر الاهتمام بالمقام، حيث طُلي بالذهب مرة أخرى في خلافة المتوكل، ثم بواسطة علي بن الحسن العباسي، عامل مكة في ذلك الوقت.
تجديد القبة في العصور اللاحقة
شهدت قبة المقام تجديدات متتالية عبر القرون، ففي عام 900هـ الموافق 1495م، جُددت القبة، ثم تكرر ذلك في الأعوام 915هـ (1509م)، و 1001هـ (1593م)، و 1049هـ (1639م)، و 1072هـ (1661م)، و 1099هـ (1688م)، و 1102هـ (1691م)، وأخيرًا في عام 1133هـ الموافق 1721م.
التوسعات الحديثة: عهد الملك فيصل والغطاء البلوري
في عام 1387هـ الموافق 1967م، وخلال التوسعة التي أمر بها الملك فيصل بن عبدالعزيز، أُزيلت مقصورة مقام إبراهيم، واستبدلت بغطاء بلوري، في خطوة عكست التطور العمراني والحفاظ على الآثار في آن واحد.
ترميمات عهد الملك فهد: لمسة من الفخامة
في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، شهد المقام ترميمات شاملة في عام 1417هـ الموافق 1996م، حيث أُضيف شبك داخلي مطلي بالذهب، واستُبدل الهيكل المعدني بآخر مصنوع من النحاس عالي الجودة. كما تم تغيير القاعدة الخرسانية برخام كرارة أبيض اللون، مُحلّى بالجرانيت الأخضر، ليُضاهي رخام الحِجِر، وتحول شكله من مضلع إلى انسيابي.
وفي النهايه :
مقام إبراهيم، بتطويراته المستمرة عبر التاريخ، يظل شاهدًا على عظمة الحضارة الإسلامية واهتمامها بتراثها. فهل ستشهد الأعوام القادمة المزيد من التطويرات التي تحافظ على هذا الأثر العظيم وتزيد من جماله؟











