إعادة توطين الحمار البري الآسيوي في السعودية: عودة إلى البرية بعد قرن من الغياب
الحمار البري الآسيوي، المعروف أيضًا باسم الأخدر السوري (الاسم العلمي: Equus hemionus onager)، هو أحد أفراد العائلة الخيلية الذي يقطن المناطق الصحراوية والجافة والباردة. تاريخيًا، انتشر هذا النوع على نطاق واسع في العالم القديم، خاصةً في المناطق الغنية بالعشب، بما في ذلك المناطق الشمالية من الجزيرة العربية. ومع ذلك، انقرض الحمار البري الآسيوي من هذه المناطق في أوائل القرن العشرين الميلادي، وشهد عام 2025م بصيص أمل مع إعادة توطينه في السعودية.
العائلة الخيلية: أصول وروابط
تضم العائلة الخيلية، التي ينتمي إليها الحمار البري الآسيوي، مجموعة متنوعة من الحيوانات، بما في ذلك الحصان، والحمر المستأنسة والبرية، وحمر الوحش. تستوطن هذه العائلة مناطق جنوبي وغربي آسيا، بالإضافة إلى شرقي وجنوبي إفريقيا. من بين أنواع هذه العائلة، استوطن نوعان الجزيرة العربية: الحصان العربي والحمار البري الآسيوي أو الأخدر. تتميز العائلة الخيلية بحافر واحد في كل قائمة، وجسم مكسو بشعر أملس وناعم، ورأس متطاول، ومنطقة مخ صغيرة نسبيًا مقارنة بالوجه.
مميزات الحمار البري الآسيوي: قوة وسرعة
يتميز الحمار البري الآسيوي بصغر حجمه مقارنة بأنواع الحمر البرية الأخرى، وبسرعته الفائقة التي تصل إلى 70 كم/ساعة. يعود أصل هذا النوع إلى أكثر من أربعة ملايين عام، مما يجعله أقدم من الخيل العربي والحمار الوحشي الإفريقي. لطالما حظي الحمار البري الآسيوي بتقدير الشعراء العرب القدماء، الذين أشادوا بقوته وجموحه وقدرته على المراوغة.
الخصائص الشكلية والسلوكية
يميل لون الحمار البري الآسيوي إلى الأحمر أو الرملي، مع بياض يمتد من البطن إلى داخل الكتفين. تشبه أذناه أذني الخيل، وله عرف قصير داكن اللون وذيل كث، وأحيانًا يظهر خط على الكتف. يتمتع هذا الحيوان بحاسة بصر وشم وسمع قوية، وقدرة على تحمل العطش، حيث يشرب الماء مرة واحدة كل يومين.
أسباب الانقراض وجهود الحماية
انقرض الحمار البري الآسيوي من الجزيرة العربية في أوائل القرن العشرين الميلادي، ولكن بعض الأنواع القريبة الشبه منه لا تزال تعيش داخل محميات في وسط آسيا. يعتقد البعض أن الحمر البرية الحالية هي من نسل الحمر الأهلية، نظرًا للتشابه الكبير بينهما. يُعتقد أيضًا أن الحمر الأوابد (الضالة) الموجودة اليوم في أجزاء من الجزيرة العربية هي بقايا الحمر البرية السابقة، التي تمكنت من البقاء في مجموعات متفرقة بفضل صفاتها الجسمية القوية وقدرة نسلها على التكيف مع الظروف البرية القاسية.
التحديات البيئية وقدرات التكيف
تتحمل كلتا المجموعتين من الحمر البرية الجفاف، وتتميزان بكونهما انتهازيتين في الرعي، حيث تلتهمان الأنواع القاسية والخشنة من النباتات الرعوية. ومع ذلك، تحتاج هذه الحيوانات إلى الماء بكثرة، وترتاده حتى لو كان بعيدًا.
وضع الحماية العالمي
يصنف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) الحمار البري الآسيوي ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض، حيث تبقى أقل من 600 حمار بري في البرية على مستوى العالم.
إعادة التوطين في السعودية: خطوة نحو الاستدامة
في عام 2025م، أطلقت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية مشروعًا طموحًا لإعادة توطين الحمار البري الآسيوي في السعودية، وذلك بعد غياب دام أكثر من قرن. بدأ المشروع باستقدام سبعة من الحمر البرية الآسيوية من محمية الشومري الطبيعية في الأردن، وقد تأقلمت هذه الحيوانات بنجاح مع موائلها الجديدة في المحمية، وشهدت ولادة أول مهر داخلها. تجدر الإشارة إلى أن أرض المحمية كانت في الماضي موطنًا للحمار البري السوري المنقرض عالميًا، والذي يعتبر قريبًا وراثيًا من الحمار البري الآسيوي.
وفي النهايه :
تعكس جهود إعادة توطين الحمار البري الآسيوي في السعودية التزام المملكة بالحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادة النظم البيئية المتدهورة. هل ستنجح هذه المبادرة في استعادة أعداد الحمار البري الآسيوي في المنطقة، وهل يمكن أن تكون نموذجًا يحتذى به في جهود الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض في مناطق أخرى من العالم؟










