أساطين المسجد النبوي: تاريخ وأهمية
في قلب المسجد النبوي الشريف، تقف الأساطين كشاهد صامت على تاريخ عريق يعود إلى عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. هذه الأساطين، التي كانت في الأصل من جذوع النخيل، تمثل الأساس الذي بُني عليه المسجد النبوي، ومع التوسعات المتعاقبة، استُبدلت هذه الجذوع بسواري، مع الحفاظ على أسمائها ودلالاتها التاريخية.
الاهتمام بأساطين المسجد النبوي عبر العصور
على مر العصور، أولى القائمون على توسعة المسجد النبوي اهتمامًا بالغًا بأماكن هذه الأساطين، فحرصوا على استبدالها بأخرى حديثة مع الإبقاء على أسمائها الأصلية. ولا تزال الأساطين الموجودة في قبلة المسجد حتى اليوم تشهد على هذا الاهتمام والتجديد المستمر.
تسميات أساطين المسجد النبوي ودلالاتها
تحمل أساطين المسجد النبوي أسماء منقوشة، تحكي قصصًا وأحداثًا من السيرة النبوية الشريفة، مما يزيد من قيمتها الروحية والتاريخية. من بين هذه الأساطين:
- الأسطوانة المخلقة
- أسطوانة عائشة (القرعة والمهاجرين)
- أسطوانة التوبة (أبو لبابة)
- أسطوانة السرير
- أسطوانة المحرس
- أسطوانة الوفود
- أسطوانة مربعة القبر
- أسطوانة التهجد
الأسطوانة المخلقة: عبق التاريخ النبوي
تُعتبر الأسطوانة المخلقة، أي المعطرة أو المطيبة، من أبرز معالم المسجد النبوي. تجاور هذه الأسطوانة المحراب النبوي من جهة القبلة، وتحل محل الجذع الذي كان يئن شوقًا للنبي صلى الله عليه وسلم، والذي كان يستند إليه قبل بناء المنبر.
أسطوانة القرعة: فضل عائشة ورواية التاريخ
تأتي أسطوانة القرعة، المعروفة أيضًا بأسطوانة عائشة رضي الله عنها، في المرتبة الثالثة من جهة المنبر والقبر والقبلة. وقد اكتسبت هذه الأسطوانة اسمها من رواية عن عائشة رضي الله عنها، التي أخبرت عبدالله بن الزبير بفضلها، فصلى عندها، لتُعرف بعدها بأسطوانة عائشة.
أسطوانة التوبة: قصة أبي لبابة والندم
تُعرف أسطوانة التوبة بأسطوانة أبي لبابة، وهو رفاعة بن عبدالمنذر رضي الله عنه. تأتي هذه الأسطوانة في المرتبة الرابعة من جهة المنبر، والثانية من جهة القبر، والثالثة من جهة القبلة. وتعود تسميتها إلى قصة أبي لبابة، الذي ربط نفسه في جذع نخلة داخل المسجد النبوي، وأبى أن يحل قيده حتى يحله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أسطوانة السرير: مكان اعتكاف النبي
تقع أسطوانة السرير شرق أسطوانة التوبة، ملاصقة للشباك المطل على الروضة الشريفة. كانت هذه الأسطوانة مكانًا لاعتكاف النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان يضطجع على سريره عندها.
أسطوانة المحرس: حراسة علي للنبي
تقع أسطوانة المحرس مقابل الخوخة التي كان يخرج منها رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة رضي الله عنها إلى الروضة الشريفة للصلاة. ويُطلق عليها أيضًا أسطوانة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لأنه كان يجلس عندها لحراسة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
أسطوانة الوفود: استقبال النبي للزائرين
تقع أسطوانة الوفود خلف أسطوانة المحرس من جهة الشمال. كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يجلس عندها لاستقبال الوفود القادمة إليه.
أسطوانة مربعة القبر: قرب بيت فاطمة
تقع أسطوانة مربعة القبر داخل الجدار المحيط بالقبر الشريف، مما يحجب رؤيتها عن الزوار. وتُعرف أيضًا بأسطوانة مقام جبريل عليه السلام، وهي تقع عند باب بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أسطوانة التهجد: مكان صلاة النبي
تقع أسطوانة التهجد خلف بيت السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومكتوب عليها بالرخام “هذا متهجد النبي صلى الله عليه وسلم”.
وفي النهايه:
تظل أساطين المسجد النبوي شاهدة على تاريخ عظيم، وتحمل في طياتها قصصًا وذكريات من عهد النبوة. إنها ليست مجرد أعمدة، بل هي معالم تاريخية وروحية، تحمل عبق الماضي وتذكرنا بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، فهل ستظل هذه الأساطين تحافظ على مكانتها وأهميتها في قلوب المسلمين جيلاً بعد جيل؟








