أرامكو السعودية: ريادة عالمية في قطاع الطاقة والبتروكيماويات
أرامكو السعودية، عملاق متكامل في مجال الطاقة والكيميائيات، تنتج يوميًا 12 مليون برميل من النفط الخام، وتتخذ من الظهران، بالمنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية، مقرًا رئيسيًا لها.
شركة أرامكو السعودية أو شركة الزيت العربية السعودية، تعتبر من أكبر الشركات عالميًا من حيث قيمتها السوقية، إذ تفوق إيراداتها السنوية ميزانيات دول عديدة. تمثل أرامكو أحد أهم أعمدة الاقتصاد السعودي، حيث تغطي أنشطتها كافة مراحل إنتاج النفط، بدءًا من استخراج المواد الهيدروكربونية وصولًا إلى توليد الطاقة، بالإضافة إلى عمليات التكرير والتوزيع التجاري.
احتفلت الشركة في عام 2023 بمرور 90 عامًا على تأسيسها، مسيرة حافلة بالاستكشاف والابتكار، لتتبوأ مكانة رائدة في مجال الموارد الهيدروكربونية بالمملكة.
وعبر الشركات التابعة لها، تواصل أرامكو تزويد أكثر من 17 ألف محطة خدمة حول العالم بالمنتجات المكررة، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من المشاريع والاستثمارات داخل المملكة وخارجها بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية.
مراحل نشأة وتكوين أرامكو السعودية
شهدت أرامكو مراحل عديدة من التطور والنمو. البداية كانت في عام 1933م (الموافق 1352هـ) عندما وقعت المملكة اتفاقية امتياز مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا الأمريكية، وذلك في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود. تسارعت وتيرة عمل الشركة مع اكتشاف المزيد من الحقول البرية والبحرية، مما أدى إلى توسيع نطاق أعمالها في قطاع التوزيع. تتابعت التطورات حتى أصبحت أرامكو إحدى كبريات شركات النفط العالمية. فيما يلي أبرز المحطات التاريخية في مسيرة الشركة:
بداية أرامكو مع اكتشاف النفط
خلال العشر سنوات الأولى من عمر أرامكو السعودية (1933م-1943م / 1352هـ-1362هـ)، شهدت المملكة أول اكتشاف للنفط في عهد الملك عبدالعزيز، وتحديدًا في عام 1938م (1357هـ)، وذلك بعد توقيع اتفاقية امتياز مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا “سوكال” الأمريكية. في عام 1935م (1355هـ) بدأت أعمال حفر الآبار، وتكللت بإنتاج كميات تجارية من النفط في بئر الدمام رقم 7، المعروف بـ “بئر الخير” عام 1938م.
في الأول من مايو عام 1939م (الموافق 12 ربيع الأول 1358هـ)، رست الناقلة “د. جي. سكوفيلد” في ميناء رأس تنورة، وشهدت اللحظة التاريخية بقيام الملك عبدالعزيز بتدشين أول شحنة تصديرية من النفط الخام من المملكة. تضاعفت كميات الإنتاج عقب اكتشاف حقل بقيق عام 1940م (1359هـ)، إلا أن تداعيات الحرب العالمية الثانية أدت إلى توقف أعمال الحفر. بحلول عام 1943م (1362هـ)، تم حفر ثلاث آبار نفطية في الحقل، وقُدر إنتاج أولها بأكثر من 9 آلاف برميل نفط يوميًا، وتطورت أعمال الشركة حتى بلغ إنتاجها من الزيت 500 ألف برميل يوميًا عام 1949م (1368هـ).
إنجاز أطول خط نفط في العالم
شهدت العشرة أعوام التالية من تاريخ أرامكو (من عام 1950م حتى الستينات الميلادية) تسارعًا في أعمالها مع اكتشاف المزيد من الحقول البرية والبحرية، وتوسعًا في نطاق أعمالها في قطاع التوزيع أيضًا. أنجزت الشركة في عام 1950م (1369هـ) خط الأنابيب عبر البلاد العربية “التابلاين” بطول 1,648 كم، الذي ربط المنطقة الشرقية في المملكة بالبحر الأبيض المتوسط، مما أسهم في تقليل زمن وتكلفة تصدير النفط إلى أوروبا بشكل كبير. كما اكتشفت الشركة في عام 1951م (1371هـ) حقل السفانية الذي يُعد أكبر حقل نفط بحري في العالم. تمكنت الشركة في الستينات الميلادية من إنتاج 5 مليارات برميل من النفط الخام، وتجاوز إنتاجها من الزيت عام 1958م (1377هـ) مليون برميل يوميًا.
امتلاك الحكومة السعودية لشركة أرامكو بالكامل
تدرجت الحكومة السعودية في الاستحواذ على شركة أرامكو منذ عام 1973م (1393هـ) حتى عام 1980م (1400هـ). بعد الارتفاع التاريخي في مستويات إنتاج الشركة، بدأت الحكومة السعودية الاستحواذ على حصص فيها، حيث اشترت عام 1973م (1393هـ) حصة قدرها 25% في أرامكو، وزادت هذه الحصة لتصل إلى 60% في العام التالي. كما سجلت الشركة في عام 1971م (1391هـ) رقمًا قياسيًا في الشحنات من رأس تنورة، إذ تجاوزت شحنات النفط الخام والمنتجات النفطية من رأس تنورة مليار برميل في العام للمرة الأولى. وفي عام 1977م (1397هـ) بدأت أعمال الشركة في معمل الغاز في البري.
تواصلت جهود المملكة في الاستحواذ التدريجي على كامل الشركة، حتى امتلكتها عام 1980م (1400هـ) بأكملها، لتنشئ بعد ثمانية أعوام شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) رسميًّا بموجب مرسوم ملكي من الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، لتكون شركة جديدة تتولى جميع مسؤوليات شركة أرامكو. كان أول رئيس سعودي للشركة هو المهندس علي بن إبراهيم النعيمي عام 1984م (1404هـ)، ثم أصبح رئيسًا لـ أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين عام 1988م (1408هـ).
في عام 1989م (1409هـ) بدأت أرامكو السعودية تحولها من شركة منتجة للنفط ومصدرة له إلى شركة نفط متكاملة بالتزامن مع تأسيس شركة أرامكو لشركة ستار إنتربرايزز عام 1989م (1409هـ)، بالشراكة مع شركة تكساكو في الولايات المتحدة الأمريكية، التي استحوذت عليها أرامكو السعودية لاحقًا لتصبح المالك الوحيد لأكبر مصفاة لتكرير النفط الخام في موقع واحد في أمريكا الشمالية في بورت آرثر، بولاية تكساس.
مرحلة توسع أرامكو على مستوى العالم
خلال فترة التسعينات الميلادية، عملت أرامكو السعودية على التوسع والانتشار عالميًا من خلال توطيد علاقاتها وشراكاتها في أنحاء العالم. في عام 1991م (1411هـ) استحوذت على حصة قدرها 35% في مصفاة سانج يونج أويل ريفايننج الكورية، وفي عام 1994م (1414هـ) استحوذت على حصة قدرها 40% في بترون كوربريشن، الشركة الكبيرة لتكرير النفط وتسويقه في الفلبين.
في عام 1996م (1417هـ) نفذت الشركة مشروعًا أوروبيًا مشتركًا بالاستحواذ على حصة قدرها 50% في شركة التكرير اليونانية الخاصة موتور أويل (هيلاس) كورينث ريفاينريز إس. إيه، وشركة التسويق التابعة لها أفينويل إنداستريال كوميرشل آند ماريتايم أويل كومباني إس. إيه.
بحلول عام 1998م (1419هـ)، تمكنت الشركة من التغلب على عقبات عديدة وإنجاز مشروع حقل الشيبة بأكمله، واستغرق ذلك 50 مليون ساعة عمل، ونقل نحو 13 مليون م3 من الرم











